للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق المجروحين، فيبين وجه ذلك فيقول: " كنت أحدثهم بأحاديث يقولها الرجل لأخيه في الغضب، فاتخذوها ديناً، لا والله لا أعود إليها أبداً " (١).

وكان حدث عن موسى بن طريف عن أبيه عن علي: " أنا قسيم النار "، فقيل له: لم رويت هذا؟ فقال: " إنما رويته على الاستهزاء " (٢).

وذكرت في الكلام عن أصل (هل رواية الثقة عن رجل تعديل له؟ ) (٣) جماعة من الثقات عرفوا بالرواية عن المجهولين حتى أكثروا، ومع ذلك فلم يسقط حديثهم.

فمثل هذا لا يكون الحمل فيه على الثقة، ولا يصح أن يعد بمجرده سبباً للقدح في الراوي.

فتأمل ذلك واعلم أن كثيراً من النقلة تكلم فيهم بسبب ذلك، وهم في أنفسهم وحديثهم ثقات.

مثل: (عيسى بن موسى غنجار)، قال الحاكم: " لم يؤخذ عليه إلا كثرة روايته عن الكذابين " (٤).

وقال: " يحدث عن أكثر من مئة شيخ من المجهولين لا يعرفون، بأحاديث مناكير، وربما توهم طالب هذا العلم أنه يجرح فيه، وليس كذلك " (٥).

وإنما كان من حال بعض النقلة أنهم لم يعرف لحديثهم مخارج إلا من جهة روايتهم عن المجروحين، فهؤلاء لو افترضنا ثقة أحدهم في نفسه، فما هو بثقة في حديثه، وإن كان الحمل فيه على من فوقه، بل التحقيق أنه لا معنى لوصف هذا الراوي بالثقة؛ لما في ذلك من التغرير بروايته.


(١) الكامل، لابن عدي (٨/ ٥٣).
(٢) الكامل، لابن عدي (٨/ ٥٣).
(٣) في (الأصل السادس) من المبحث التاسع) من مباحث (التعديل).
(٤) سؤالات مسعود السجزي للحاكم (النص: ٨٨).
(٥) معرفة علوم الحديث (ص: ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>