للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التهمة عن بعض الرواة ممن اختلف فيهم، يعود الجرح فيهم إلى هذا السبب، فإذا تبين لم يصلح معه رد قول المعدل في حال بيان هذا الراوي سماعه للخبر.

وليس من ذلك ما علل به ابن حبان مجيء الموضوعات في روايات الحسن بن عمارة، إذ حمله على مجرد التدليس، وأن شعبة طعن عليه لأنه لم يتبين ذلك، حيث قال ابن حبان: " كان بلية الحسن بن عمارة أنه كان يدلس عن الثقات ما وضع عليهم الضعفاء، كان يسمع من موسى بن مطير، وأبي العطوف، وأبان بن أبي عياش، وأضرابهم، ثم يسقط أسماءهم ويرويها عن مشايخهم الثقات، فلما رأى شعبة تلك الأحاديث الموضوعة التي يرويها عن أقوام ثقات أنكرها عليه، وأطلق عليه الجرح، ولم يعلم أن بينه وبينهم هؤلاء الكذابين، فكان الحسن بن عمارة هو الجاني على نفسه بتدليس عن هؤلاء وإسقاطهم من الأخبار، حتى التزق الموضوعات به " (١).

فهذا الذي أعاد إليه ابن حبان جرح شعبة للحسن وأن شعبة لم يتفطن له، غير صحيح، إلا أن يكون الحسن بن عمارة كان يقول في تلك الأحاديث المدلسة (سمعت)، كما يوجد بعض ذلك فيما أثر عن شعبة أنه طعن على الحسن بسببه.

والتحقيق أن عبارات النقاد في ابن عمارة لم تبن على ما ذكره ابن حبان، فإنه يوجد في الموصوفين بالثقة من كان يدلس المتهمين ويعنعن عن شيوخهم، ولم يطعن عليه بمثل ما طعن على ابن عمارة وفيهم من روى عنه شعبة نفسه، وإنما قام الطعن على ابن عمار على وهائه في نفسه من جهته، وقد قال علي بن المديني: " ما أحتاج إلى شعبة فيه، أمر الحسن بن عمارة أبين من ذلك "، قيل: أكان يغلط؟ فقال: كان يغلط؟! أي شيء يغلط؟ " وذهب إلى أنه كان يضع الحديث (٢).


(١) المجروحين (١/ ٢٢٩).
(٢) أخرجه الخطيب في " تاريخه " (٧/ ٣٤٩) وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>