للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصابته مثل الزمانة، فكان يحدثهم من كتابه، فسماع عفان وحبان وبهز أجود من سماع عبد الرحمن؛ لأنه كان يحدثهم (يعني لعبد الرحمن، أي أيامهم) من حفظه.

قال عفان: حدثنا همام يوماً بحديث، فقيل له فيه، فدخل فنظر في كتابه، فقال: ألا أراني أخطئ وأنا لا أدري، فكان بعد يتعاهد كتابه " (١).

قلت: لكن تبقى حاجة إلى اعتبار هذا الوصف فيه، فإن بين أن ذلك الحديث من كتابه، فهو صحيح، لكن إن لم يبين فربما كان قد استثبته من كتابه وربما اعتمد فيه على مجرد حفظه، غير أن هذا لا يوجب التوقف عن قبول خبره، إنما يوجب الاحتياط فيه، فيبحث فيه عن وهمه وخطئه، فإن عدم فحديثه صحيح، وهكذا ما احتج به الشيخان من حديثه، وذلك من أجل ما عرف به من الصدق والأمانة والحرص على التثبت في الرواية، فذلك يجعله في محل من يقبل حديثه.

الصنف الثالث: من تميز ضبطه في حال، وسوء حفظه ولينه في حال.

وهذا جرح نسبي، لا يسقط بالراوي جملة، وإنما حيث تميز ما يتقنه من غيره، قبل المحفوظ، وطرح ما سواه، وهنا يجب أن تتنبه إلى أن بعض النقاد ربما أطلق وصف الضعف على من هذا نعته، فظن من لا خبرة له أنه ضعيف مطلقاً، وليس كذلك.

ولهذا الصنف صور:

الصورة الأولى: أن يكون ضابطاً إلا في حديث بعض الشيوخ.


(١) سؤالات أبي داود السجستاني لأحمد (النص: ٤٩٠) وأخرج الخطيب في " الكفاية " (ص: ٣٣٢) منه قصة عفان من طريق أبي داود، ونقل عبد الله بن أحمد عن أبيه نحوَ ذلك في " العلل " (النص: ٦٨٢ _ ٦٨٣) ومن طريقه: الخطيب في " الجامع " (رقم: ١٠٢٧).
قلت: عفان هوَ ابنُ مُسلم، وحبان هوَ ابن هلال، وبهْزٌ هوَ ابن أسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>