للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحدثين، ومن أكثرهم استعمالاً له في المجاهيل: الإمامان يحيى بن معين وأبو حاتم الرازي.

لكن ينبغي أن تعلم أن تلك الجهالة إنما هي بالنسبة إلى علم ذلك الناقد، لا مطلقاً، فإن خفاء حال الراوي على ناقد وإن كان ذلك الناقد كيحيى بن معين، لا يلزم منه أن يكون مجهولاً عند غيره، فابن معين إنما يخبر عن علمه.

مثال ذلك أنه سئل عن (إبراهيم بن محمد الشافعي) فقال: " لا أعرفه، زعموا أنه ليس به بأس " (١).

كذا قال يحيى، والرجل مشهور بالعلم، روى عنه كثيرون، وكان ثقة، وإنما يبلغ يحيى من أمره ما يمكنه من الحكم على شخصه، فقال: " لا أعرفه ".

وقد يعرف حديثه ويميزه فيثني عليه فيه، لكنه لا يدري من يكون ذلك الراوي.

نقل عبد الخالق بن منصور قال: سألت يحيى بن معين عن (حاجب، يعني ابن الوليد) فقال: " لا أعرفه، وأما أحاديثه فصحيحة "، فقلت: ترى أن أكتب عنه؟ فقال: " ما أعرفه، وهو صحيح الحديث، وأنت أعلم " (٢).

ويشبه أن يكون الخطيب بنى على ذلك، فقال في (حاجب): " كان ثقة ".

وقال أبو داود السجستاني في (العلاء بن خالد الأسدي): " ما عندي من علمه شيء، أرجو أن يكون ثقة " (٣).


(١) معرفة الرجال، رواية ابن محرز (١/ ٧٥).
(٢) أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " (٨/ ٢٧١) بإسناد حسن.
(٣) سؤالات الآجري (النص: ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>