للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي التعديل مما يكثر وقوعه عند المتأخرين، كالذهبي والهيثمي: (وثق) و (موثق) فهذه عبارة يجب البحث عن قائلها المجهول الذي بنيت له، وفي الغالب يكون مرادهم ابن حبان، فكأنهم لضعف الاعتماد على ما يتفرد به من التعديل يبنون العبارة للمجهول.

[المقدمة الرابعة: مراعاة ميول الناقد المذهبية في القدح في النقلة]

الجرح والتعديل جميعاً يتأثران بهذا، فيعدل من ليس بأهل، وهو الأقل وروداً في كلامهم، ويجرح من هو عدل، ووقع من طائفة بسبب المخالفة في العقائد والمسالك، كما قدمت التمثيل له بجرح الجوزجاني لأهل الكوفة بسب فشو التشيع فيه، والدولابي لمخالفي الحنفية، وكما وقع من طائفة من أهل الحديث في أهل الرأي من أهل الكوفة وغيرهم.

قال ابن حجر: " وممن ينبغي أن يتوقف في قبوله قوله في الجرح: من كان بينه وبين من جرحه عداوة سببها الاختلاف في الاعتقاد، فإن الحاذق إذا تأمل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب، وذلك؛ لشدة انحرافه في النصب وشهرة أهلها بالتشيع، فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلقة، وعبارة طلقة، حتى أنه أخذ يلين مثل الأعمش وأبي نعيم وعبيد الله بن موسى وأساطين الحديث وأركان الرواية، فهذا إذا عارضه مثله أو أكبر منه، فوثق رجلاً ضعفه؛ قبل التوثيق.

ويلتحق به عبد الرحمن بن يوسف بن خراش المحدث الحافظ، فإنه من غلاة الشيعة، بل نسب إلى الرفض، في جرحه لأهل الشام للعداوة البينة في الاعتقاد " (١).

ومن أمثلة ذلك في النقلة ما جاء في ترجمة (أحمد بن الفرات أبي مسعود الرازي) وكان من الثقات الحفاظ المتقنين، من المعروفين بالسنة،


(١) لسان الميزان (١/ ١٠٨ _ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>