للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطأه على الكذب، وإنما هو الوهم، أو يحمل منكراً رواه، عليه، وإنما هو التدليس.

مثل ما حكى عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: قلت لأبي: كان يعقوب بن إسماعيل بن صبيح ذكر أن أبا قتادة الحراني كان يكذب، فعظم ذلك عنده جداً، قال: " هؤلاء _ يعني أهل حران _ يحملون عليه، كان أبو قتادة يتحرى الصدق، لربما رأيته يشك في الشيء "، وأثنى عليه وذكره بخير. قال أحمد: " لعله كبر واختلط، الشيخ وقت ما رأيناه كان يشبه الناس ما علمته، كان يتحرى الصدق ". وقال: " أظن أبا قتادة كان يدلس " (١).

قلت: وفي هذا كذلك فرق ما بين نعت الناقد العارف بهذا الشأن وأدبه، وغيره، فيعقوب بن إسماعيل هذا ليس معدوداً فيمن يعرف هذا الشأن.

وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: ترى المسيب بن شريك كان يكذب؟ قال: " معاذ الله، ولكنه كان يخطئ " (٢).

وكان يحيى بن معين ربما بالغ في عبارة النقد، فكن يقظاً لذلك.

وذلك كقوله وقد ذكر له عبد الرحمن بن مهدي ووكيع بن الجراح، فقال له رجل: قوم يقدمون عبد الرحمن بن مهدي؟ فقال: " من قدم عبد الرحمن على وكيع _ فدعا عليه _ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " (٣).

فهذا مما عيب على يحيى، وأنكر منه.

قال يعقوب بن سفيان: " كان غير هذا الكلام أشبه بكلام أهل العلم، ومن حاسب نفسه وعلم أن كلامه من عمله لم يقل مثل هذا " (٤).


(١) العلل ومعرفة الرجال (النص: ١٥٣٣)، ومعناه في (النص: ٢١٦، ١٠٦٥).
(٢) العلل ومعرفة الرجال (النص: ٣٦٣٨).
(٣) تاريخ يحيى بن مَعين (النص: ٢٦٧٧).
(٤) المعرفة والتاريخ (١/ ٧٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>