للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالكذب، ولا يكون الحديث شاذاً، ويروى من غير وجه نحو ذاك. فهو عندنا حديث حسن " (١).

وهذا يبينه ابن رجب بقوله: " الحديث الذي يرويه الثقة العدل، ومن كثر غلطه، ومن يغلب على حديثه الوهم، إذا لم يكن أحد منهم متهماً، كله حسن، بشرط أن لا يكون شاذاً مخالفاً للأحاديث الصحيحة، وبشرط أن يكون معناه قد روي من وجوه متعددة " (٢).

وكونه جعل الشرط فيه: رواية معناه من غير وجه، فإذا قال: (حديث حسن غريب) فيعني غرابة لفظه من ذلك الوجه، وحسنه لمجيء معناه من وجه آخر (٣).

قلت: وهذا التعريف من الترمذي يمكن إجراء هـ على صورة (الحسن لغيره)، إذ مجيء معنى الحديث من وجه آخر لا يطلب في رواية من ثبت حفظه بثبوت السلامة من الوهم، وإن كان في حفظه لين إنما تُطلب فيه السلامة من التفرد بما لا أصل له، وفرق بين الصورتين لا يخفى.

ولذا كان (الحسن لذاته) مندرجاً عند أكثر الأئمة تحت (الصحيح)؛ لاعتبار النظر عندهم إلى ذات الإسناد وذات المتن، وأنه نفس ما اعتبروه للحديث الصحيح لذاته.

والحديث الحسن بتعريف الترمذي هو الضعيف الصالح عند من تقدمه من أهل العلم.

قال ابن رجب: " كان الإمام أحمد يحتج بالحديث الضعيف الذي لم يرد خلافه، ومراده بالضعيف قريب من مراد الترمذي بالحسن " (٤).


(١) كتاب (العلل) آخر " الجامع " (٦/ ٢٥١).
(٢) شرح العلل (١/ ٣٨٤ _ ٣٨٥).
(٣) بيَّنه ابنُ رجب كذلك (١/ ٣٨٦) .......
(٤) شرح علل الترمذي (١/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>