للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: فهذا عيب للشيخين في بعض من خرجا لهم، لكن قولهما في ذلك أقوى عند نقاد الحديث، بل مع نقد النسائي والدارقطني للبخاري في بعض من أخرج لهم، وأبي زرعة لمسلم في بعض من أخرج لهم، لم يقع منه شيء على سبيل الطعن عليهما، إنما النقد للبخاري في تركه تخريج الثقة الأولى عند من انتقده، على أن البخاري لم يحتج إلا بما لا ينازع في كونه محفوظاً من الحديث، وإن كان خلاف الأولى عند غيره، ونقد أبي زرعة لمسلم فيه تشديد الشيخ على التلميذ حملاً له على مزيد التحري، وتحذيراً من فتح الطريق لأهل الأهواء.

قال الحازمي: " أما إيداع البخاري ومسلم كتابيهما حديث نفر نسبوا إلى نوع من الضعف فظاهر، غير أنه لم يبلغ ضعفهم حداً يرد به حديثهم، مع أنا لا نقر بأن البخاري كان يرى تخريج حديث من ينسب إلى نوع من أنواع الضعف، ولو كان ضعف هؤلاء قد ثبت عنده لما خرج حديثهم، ثم ينبغي أن يعلم أن جهات الضعف متباينة متعددة، وأهل العلم مختلفون في أسبابه " (١).

قلت: يريد الحازمي أن البخاري لم يخرج لمن يرى تسليم القول بضعفه، وإن خالفه فيه غيره، إذا الاختلاف في جرح الرواة وتعديلهم موجد، لكن ليس كل جرح معتبراً.

ويجب أن تلاحظ في طريقة الشيخين في تخريج حديث من تكلم فيه من الرواة ما يلي:

أولاً: أنهما انتقيا من حديثه ما كان محفوظاً معروفاً، مثلُ: إسماعيل بن أبي أويْسٍ المديني.

ثانياً: غالب ما خرجاه من حديث هذا الصنف فهو في المتابعات، لا في الأصول.


(١) شروط الأئمة الخمسة (ص: ١٧٢ _ ١٧٣) .......

<<  <  ج: ص:  >  >>