للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومراد الحاكم بهذا أن أحاديث الصحيحين ليس فيها راو خرجا له أو خرج له أحدهما، إلا وهو معروف برواية اثنين فصاعداً عنه، وليس مراده أن ذلك الحديث رواه اثنان، وعن كل واحد منهما اثنان.

والذي يرفع الإشكال عن كلام الحاكم في تفسيره لشرط الشيخين في الرجال، ما بينه بنفسه في كتاب " المدخل إلى كتاب الإكليل " حين قسم الحديث الصحيح المتفق على الاحتجاج به عند فقهاء الحجاز وفقهاء الكوفة، لا المختلف فيه، إلى خمسة أقسام، فذكر أول الأقسام ما اتفق عليه الشيخان، وأتبعه ببيان الشرط المذكور، ثم قال: " القسم الثاني من الصحيح المتفق عليه: الحديث الصحيح بنقل العدل عن العدل، رواه الثقات الحفاظ إلى الصحابي، وليس لهذا الصحابي إلا راو واحد ".

ثم مثل له بحديث عروة بن مضرس الطائي في الحج، ثم قال: " هذا حديث من أصول الشريعة، مقبول متداول بين فقهاء الفريقين، ورواته كلهم ثقات، ولم يخرجه البخاري ولا مسلم في الصحيحين، إذ ليس له راو عن عروة بن مضرس غير الشعبي. وشواهد هذا كثيرة في الصحابة " فذكر جماعة من الصحابة لم يعرفوا إلا برواية واحد عن كل منهم (١).

ونفى الحاكم أن يكون الشيخان أو أحدهما قد خرجا لراو لم يعرف إلا بروية واحد عنه.

لكن هذا الذي قاله الحاكم لم يقبله النقاد.

قال الحافظ ابن طاهر المقدسي: " إن البخاري ومسلم لم يشترطا هذا الشرط، ولا نقل عن واحد منهما أنه قال ذلك، والحاكم قدر هذا التقدير، وشرط لهما هذا الشرط على ما ظن، ولعمري إنه شرط حسن لو كان


(١) المدخل إلى كتاب الإكليل (ص: ٣٦ _ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>