للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانية: من احتمل الأئمة تدليسه، واحتج به أصحاب الصحيح وإن لم يبين السماع، لإمامته، أو قلة تدليسه، أو لكونه لا يدلس إلا عن ثقة، مثل: الزهري، والأعمش، وسفيان الثوري.

قلت: الإمامة ليست معياراً لقبول حديثه لو كان كثير التدليس، فابن جريج إمام، لكن لا تقبل عنعنته لكثرة تدليسه، سوى ما يرويه عن عطاء والتفسير عن مجاهد.

والثالثة: من توقف فيهم جماعة من العلماء، فلم يحتجوا إلا بما بينوا فيه السماع، مثل: أبي إسحاق السبيعي، وأبي الزبير المكي.

والرابعة: من اتفقوا على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم، إلا بما بينوا فيه السماع، لغلبة ذلك منهم، وكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجهولين، مثل: محمد بن إسحاق، وبقية بن الوليد.

والخامسة: من ضعفوا بأمر آخر مع جرحهم بالتدليس، مثل: أبي سعد البقال.

هذه القسمة والتمثيل للحفاظ العلائي بتصرف، وهي أدق وألصق بالمذاهب المنقولة عن السلف من قسمة من جاء بعده (١).

لكن محاكمة من أطلقت فيه العبارة من أولئك الرواة يحتاج إلى تحرير في حق كل راو مذكور به على سبيل الاستقلال، بمنزلة تحرير ألفاظ الجرح والتعديل فيه، لما تقدم بيانه من كون إطلاق اسم التدليس على الراوي إنما هو من قبيل الجرح المجمل.

وكثير من المتأخرين من العلماء وطلبة هذا العلم صاروا إلى تقليد ابن حجر فيمن سماهم في " طبقات المدلسين " من تأليفه، وسلموا له بمجرد إيراده للراوي فيما اصطلحه (الطبقة الثالثة) وما بعدها لرد حديثه بمجرد


(١) جامع التحصيل (ص: ١٣٠ _ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>