للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراسبي: ترك ما انفرد من الأخبار التي خالف فيها الثقات، والاحتجاج بما وافق الثقات، وقبول ما انفرد من الروايات التي لم يخالف فيها الأثبات التي ليس فيها مناكير؛ لأن الشيخ إذا عرف بالصدق والسماع، ثم تبين منه الوهم ولم يفحش ذلك منه لم يستحق أن يعدل به عن العدول إلى المجروحين، إلا بعد أن يكون وهمه فاحشاً وغالباً، فإذا كان كذلك استحق الترك، فأما من كان يخطئ في الشيء اليسير فهو عدل، وهذا مما لا ينفك عنه البشر، إلا أن الحكم في مثل هذا إذا علم خطؤه تجنبه واتباع ما لم يخطئ فيه، هذا حكم جماعة من المحدثين العارفين الذين كانوا يخطئون، وقد فصلناهم في الكتاب (١) على أجناس ثلاثة:

فمنهم من لا يحتج بما انفرد من حديثه ذلك، ويقبل غير ذلك من روايته.

ومنهم من يحتج بما وافق الثقات فقط من روايته.

ومنهم من يقبل ما لم يخالف الأثبات، ويحتج بما وافق الثقات " (٢).

قلت: هذا المعنى الذي بينه ابن حبان هو من أحسن التفصيل لحال المراد بلين الحديث، أو سيء الحفظ، ممن لا يسقط حديثهم، ولا يحتج به لذاته، وفي كلامه ما يبين أنهم درجات تعود إلى قدر اللين في حفظهم من جهة خطئهم كما وكيفاً، مما بينته مفصلاً في محله من هذا الكتاب.

ويلخص القول في علة إلحاق هذا النوع بالحديث الضعيف: هو رجحان جانب الخطأ من قبل الراوي الموصوف بسوء الحفظ، وإن لم نجزم به أنه وقع في الحديث الذي ضعفناه لأجله، فحيث علمنا ضعف حفظه، فمجرد نزول ضبطه عن درجة من غلب عليه الحفظ، جعل ذلك كافياً في رد حديثه.


(١) يعني كتابه: المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين.
(٢) المجروحين (٢/ ٢٨٣ _ ٢٨٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>