للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يدل على جواز مسألة الظفر بالحق وأنه مشروع قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} سورة البقرة الآية ١٩٤. ولا شك في أن من كان عليه حق فأنكره وامتنع عن بذله فقد اعتدى، فيجوز أخذ الحق من ماله بغير إذنه وبغير حكم القضاء، فإن الشارع قد أذن بذلك.

ويدل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) رواه البخاري، وإن أخذ الحق من الظالم نصر له. انظر الموسوعة الفقهية الكويتية ٢٩/ ١٦٢ - ١٦٣.

ومما يدل على ذلك ما ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: (دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيَّ إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل عليَّ في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك) رواه البخاري ومسلم.

قال الإمام النووي عند ذكر ما يستفاد من الحديث: [ومنها: أن من له على غيره حق وهو عاجز عن استيفائه يجوز له أن يأخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه، وهذا مذهبنا ... ] شرح النووي على صحيح مسلم ٤/ ٣٧٣.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [واستدل به على أن من له عند غيره حق وهو عاجز عن استيفائه جاز له أن يأخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه، وهو قول الشافعي وجماعة، وتسمى مسألة الظفر، والراجح عندهم لا يأخذ غير جنس حقه إلا إذا تعذر جنس حقه، وعن أبي حنيفة المنع، وعنه يأخذ جنس حقه ولا يأخذ من غير جنس حقه إلا أحد النقدين بدل الآخر، وعن مالك ثلاث روايات كهذه الآراء، وعن أحمد المنع مطلقاً] فتح الباري ٩/ ٦٣١.

<<  <   >  >>