للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه العادات بالآداب الحسنة، فحرمت منها ما فيه فساد، وأوجبت ما لابد منه، وكرَّهت ما لا ينبغي، واستحبت ما فيه مصلحة راجحة في أنواع هذه العادات ومقاديرها وصفاتها. وإذا كان كذلك، فالناس يتبايعون ويستأجرون كيف شاءوا، ما لم تحرم الشريعة. كما يأكلون ويشربون كيف شاءوا ما لم تحرم الشريعة. وإن كان بعض ذلك قد يستحب، أو يكون مكروهاً، وما لم تحد الشريعة في ذلك حداً، فيبقون فيه على الإطلاق الأصلي] مجموع فتاوى شيخ الإسلام ٢٩/ ١٧ - ١٨.

وقال العلامة ابن القيم: [والأصل في العقود والمعاملات الصحة حتى يقوم دليل على البطلان والتحريم، والفرق بينهما أن الله سبحانه لا يعبد إلا بما شرعه على ألسنة رسله، فإن العبادة حقه على عباده، وحقه الذي أحقه هو ورضي به وشرعه وأما العقود والشروط والمعاملات فهي عفو حتى يحرمها، ولهذا نعى الله سبحانه على المشركين مخالفة هذين الأصلين. وهو تحريم ما لم يحرمه، والتقرب إليه بما لم يشرعه، وهو سبحانه لو سكت عن إباحة ذلك وتحريمه لكان ذلك عفواً لا يجوز الحكم بتحريمه وإبطاله فإن الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه، وما سكت عنه فهو عفو، فكل شرط وعقد ومعاملة سكت عنها فإنه لا يجوز القول بتحريمها فإنه سكت عنها رحمة منه من غير نسيان وإهمال، فكيف وقد صرحت النصوص بأنها على الإباحة فيما عدا ما حرمه؟ وقد أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود والعهود كلها، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} المائدة الآية١. وقال: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} سورة الإسراء الآية ٣٤. وقال: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} سورة المعارج الآية ٣٢.

<<  <   >  >>