للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَخَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَجْدَةُ ص لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ، وَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَهَا.»

وَقَالَ مَالِكٌ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهِيَ عَزِيمَةٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اللَّهُ لَهُ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام: ٩٠]، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: ص، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ آخَرُ قَرَأَهَا، فَلَمَّا بَلَغَ السَّجْدَةَ تَشَزَّنَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ وَلَكِنِّي رَأَيْتُكُمْ تَشَزَّنْتُمْ لِلسُّجُودِ وَنَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدُوا»

الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: السُّجُودُ فِيهَا عِنْدَ تَمَامِ قَوْلِهِ: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: ٢٤] لِأَنَّهُ تَمَامُ الْكَلَامِ، وَمَوْضِعُ الْخُضُوعِ وَالْإِنَابَةِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: ٢٥] لِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ التَّوْبَةِ وَحُسْنِ الْمَآبَةِ. وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ؛ رَجَاءَ الِاهْتِدَاءِ فِي الِاقْتِدَاءِ وَالْمَغْفِرَةِ عِنْدَ الِامْتِثَالِ، كَمَا غُفِرَ لِمَنْ سَبَقَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ.

[مَسْأَلَة السُّجُودُ فِي فُصِّلَتْ]

الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: السُّجُودُ فِي فُصِّلَتْ: عِنْدَ قَوْلِهِ: {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: ٣٧] لِأَنَّهُ انْتِهَاءُ الْأَمْرِ.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: {وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: ٣٨] لِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ امْتِثَالِ مَنْ أُمِرَ عِنْدَ ذِكْرِ مَنْ اسْتَكْبَرَ، فَيَكُونُ هَذَا مِنْهُمْ. وَالْأَوَّلُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَمْتَثِلُ الْأَمْرَ وَيَخْرُجُ عَمَّنْ اسْتَكْبَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>