للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْغَفْلَةِ عَنْ الْمَالِ.

فَإِذَا انْتَهَى الْعَبْدُ إلَى هَذَا الْمَقَامِ مَهَّدَ لَهُ قَبُولَهُ مَكَانًا، وَرَزَقَهُ فِيمَا يُرِيدُهُ مِنْ الْخَيْرِ إمْكَانًا، وَجَعَلَ لَهُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ فُرْقَانًا، وَهِيَ:

[مَسْأَلَة يَمْتَثِل مَا أُمِرَ وَيَجْتَنِبَ كَيْفَ اسْتَطَاعَ مَا عَنْهُ نُهِيَ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي قِسْمِ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ: أَنْ يَمْتَثِلَ مَا أُمِرَ، وَيَجْتَنِبَ كَيْفَ اسْتَطَاعَ مَا عَنْهُ نُهِيَ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ».

وَقَدْ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْ قَوْلِهِ: {يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: ٢٩] قَالَ: مَخْرَجًا.

ثُمَّ قَرَأَ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢]

إلَى: {فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: ٣].

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْ قَوْلِهِ: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: ٢٩] قَالَ: يَعْنِي مَخْرَجًا.

وَقَالَ أَشْهَبُ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْهَا فَذَكَرَ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: يَجْعَلْ لَكُمْ فَصْلًا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.

وَهَذِهِ كُلُّهَا أَبْوَابُ الْعَمَلِ فِي الْقُلُوبِ وَالْأَبَدَانِ.

[الْآيَة التَّاسِعَة قَوْله تَعَالَى وَإِذْ يَمْكُرُ بِك الَّذِينَ كَفَرُوا]

لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: ٣٠].

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ.

وَسَبَبَ نُزُولِهَا، وَالْمُرَادَ بِهَا مَا رُوِيَ أَنَّ قُرَيْشًا اجْتَمَعَتْ فِي دَارِ النَّدْوَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>