للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْآيَة الْخَامِسَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً]

الْآيَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ:

قَوْله تَعَالَى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: ٥٨].

فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: نَزَلَتْ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ أَبْدَتْ مِنْ التَّحَزُّبِ مَعَ قُرَيْشٍ وَنَقْضِ الْعَهْدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[مَسْأَلَة كَيْفَ يَجُوزُ نَقْضُ الْعَهْدِ مَعَ خَوْفِ الْخِيَانَةِ وَالْخَوْفُ ظَنٌّ لَا يَقِينَ مَعَهُ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجُوزُ نَقْضُ الْعَهْدِ مَعَ خَوْفِ الْخِيَانَةِ، وَالْخَوْفُ ظَنٌّ لَا يَقِينَ مَعَهُ، فَكَيْفَ يَسْقُطُ يَقِينُ الْعَهْدِ بِظَنِّ الْخِيَانَةِ فَعَنْهُ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْخَوْفَ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْيَقِينِ، كَمَا يَأْتِي الرَّجَاءُ بِمَعْنَى الْعِلْمِ؛ كَقَوْلِهِ: {لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: ١٣].

الثَّانِي: أَنَّهُ إذَا ظَهَرَتْ آثَارُ الْخِيَانَةِ، وَثَبَتَتْ دَلَائِلُهَا وَجَبَ نَبْذُ الْعَهْدِ، لِئَلَّا يُوقِعَ التَّمَادِي عَلَيْهِ فِي الْهَلَكَةِ، وَجَازَ إسْقَاطُ الْيَقِينِ هَاهُنَا بِالظَّنِّ لِلضَّرُورَةِ، وَإِذَا كَانَ الْعَهْدُ قَدْ وَقَعَ فَهَذَا الشَّرْطُ عَادَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لَفْظًا؛ إذْ لَا يُمْكِنُ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى فَانْبِذْ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: {فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: ٥٨] أَيْ عَلَى مَهْلٍ؛ قَالَهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ.

وَقِيلَ: عَلَى عَدْلٍ، مَعْنَاهُ بِالتَّقَدُّمِ إلَيْهِمْ وَالْإِنْذَارِ لَهُمْ، وَهَكَذَا يَجِبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ الْيَوْمَ فِي كِلَا وَجْهَيْ الْعَقْدِ أَوَّلًا، وَالنَّبْذُ عَلَى السَّوَاءِ ثَانِيًا.

[الْآيَة السَّادِسَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ]

ٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: ٦٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>