للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ؛ وَهَذَا وَهْمٌ؛ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ كَانَ عَهْدُهَا مَنْقُوضًا مِنْهُمْ وَمِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ كَانَ الْفَتْحُ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ كَانَ عَاهَدَ مِنْ الْعَرَبِ كَخُزَاعَةَ وَبَنِي مُدْلِجٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُوَفَّى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ.

[الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ]

َ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ٥].

فِيهَا إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: ٥]: فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهَا الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ الْمَعْلُومَةُ: رَجَبٌ الْفَرْدُ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ.

الثَّانِي: أَنَّهَا شَوَّالٌ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ إلَى آخِرِ الْمُحَرَّمِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ.

الرَّابِعُ: أَنَّهَا تَمَامُ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ كَانَتْ بَقِيَتْ مِنْ عَهْدِهِمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَاهَدُوا ثُمَّ لَمْ يَنْقُضُوا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فَسَاقِطٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ نَشْتَغِلَ بِهِ، لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى فَسَادِهِ، وَيَأْتِي تَمَامُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ.

وَأَمَّا سَائِرُ الْأَقْوَالِ فَمُحْتَمَلَةٌ، إلَّا أَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْأَذَانُ، وَبِهِ وَقَعَ الْإِعْلَامُ، وَعَلَيْهِ تَرَتَّبَ حَلُّ الْعَقْدِ الْمُرْتَبِطِ إلَيْهِ، وَبِنَاءُ الْأَجَلِ الْمُسَمَّى عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>