للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَغْفِرَةِ إنَّمَا كَانَ مُعَلَّقًا بِالسَّبْعِينَ، وَالزِّيَادَةُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ بِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَإِنَّمَا عُلِمَ عَدَمُ الْمَغْفِرَةِ فِي الْكَافِرِ بِدَلِيلٍ آخَرَ، وَرَدَ مِنْ طُرُقٍ، مِنْهَا قَوْلُهُ: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} [المنافقون: ٦] الْآيَةَ.

[مَسْأَلَة إعْطَاءِ قَمِيص النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّه بْن أَبِي الْمُنَافِق لِيَكْفِنِ فِيهِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي إعْطَاءِ الْقَمِيصِ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: رُوِيَ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ إذْ طَلَبَ الْقَمِيصَ كَانَ عَلَى النَّبِيِّ قَمِيصَانِ قَالَ: أَعْطِهِ الَّذِي يَلِي جِلْدَك».

وَقَالُوا: «إنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ قَمِيصَهُ مُكَافَأَةً عَلَى إعْطَائِهِ قَمِيصَهُ يَوْمَ بَدْرٍ لِلْعَبَّاسِ، فَإِنَّهُ لَمَا أُسِرَ وَاسْتُلِبَ ثَوْبُهُ رَآهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ، فَأَشْفَقَ، وَطَلَبَ لَهُ قَمِيصًا، فَمَا وَجَدَ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ قَمِيصًا يُقَادِرُهُ إلَّا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ، لِتَقَارُبِهِمَا فِي طُولِ الْقَامَةِ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِعْطَائِهِ الْقَمِيصَ أَنْ تَرْتَفِعَ الْيَدُ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى لَا يَلْقَاهُ فِي الْآخِرَةِ، وَلَهُ عِنْدَهُ يَدٌ يُكَافِئُهُ بِهَا».

[مَسْأَلَة الصَّلَاة عَلَى الْكُفَّارِ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ} [التوبة: ٨٤] الْآيَةَ: نَصٌّ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْكُفَّارِ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.

وَقَدْ وَهَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَقَالَ: إنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: ٨٤] فَنَهَى اللَّهُ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْكُفَّارِ، فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَهَذِهِ غَفْلَةٌ عَظِيمَةٌ؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ أَضْدَادِهِ كُلِّهَا عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَفْظًا، وَبِاتِّفَاقِهِمْ مَعْنًى.

فَأَمَّا النَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ فَقَدْ اتَّفَقُوا فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ بِأَحَدِ أَضْدَادِهِ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى، وَلَيْسَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ضِدًّا مَخْصُوصًا لِلصَّلَاةِ عَلَى الْكَافِرِينَ؛ بَلْ كُلُّ طَاعَةٍ ضِدٌّ لَهَا، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَخْصِيصُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ دُونَ سَائِرِ الْأَضْدَادِ.

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: صَلَاةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ابْنِ أَبِي اُخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ خُيِّرَ فَاخْتَارَ.

الثَّانِي: مَا رُوِيَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِوَلَدِهِ، وَعَوْنًا لَهُ عَلَى صِحَّةِ إيمَانِهِ، إينَاسًا لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>