للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ. قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِك، فَهُوَ خَيْرٌ لَك».

قَالَ: فَإِنِّي أَمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ، وَلَا نَعْلَمُ هَلْ هُوَ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ.

قَالَ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي مَعْنَى الصَّدَقَةِ مُحْتَمَلَةٌ.

وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا صَدَقَةُ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ لَا يَكُونُ إلَّا بِدَلِيلٍ يُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا مُرْتَبِطٌ بِمَا قَبْلَهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ مَا بَعْدَهُ.

[مَسْأَلَة سَبَب نُزُول قَوْله تَعَالَى وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَالَ أَشْهَبُ: قَالَ مَالِكٌ فِي قَوْلِهِ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٠٢].

نَزَلَتْ فِي شَأْنِ «أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ؛ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَصَابَهُ الذَّنْبُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أُجَاوِرُك، وَأَنْخَلِعُ مِنْ مَالِي. فَقَالَ: يُجْزِئُك مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ».

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣]

وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ، نَحْوَهُ.

وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: «ارْتَبَطَ أَبُو لُبَابَةَ إلَى جِذْعٍ مِنْ جُذُوعِ الْمَسْجِدِ بِسِلْسِلَةٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، فَكَانَتْ ابْنَتُهُ تَأْتِيهِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ فَتَحِلُّهُ فَيَتَوَضَّأُ، وَهِيَ الْأُسْطُوَانُ الْمُخْلَقُ نَحْوٌ مِنْ ثُلُثِهَا يُدْعَى أُسْطُوَانُ التَّوْبَةِ، وَمِنْهَا حَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا لُبَابَةَ حِينَ نَزَلَتْ تَوْبَتُهُ»، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقَبْرِ أُسْطُوَانٌ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: الْجِدَارُ مِنْ الْمَشْرِقِ فِي حَدِّ الْقَنَادِيلِ الَّتِي بَيْنَ الْأَسَاطِينِ الَّتِي فِي وَصْفِهَا أُسْطُوَانُ التَّوْبَةِ وَبَيْنَ الْأَسَاطِينِ الَّتِي تَلِي الْقَبْرَ.

وَهَذَا غَرِيبٌ مِنْ رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ عَنْ مَالِكٍ، وَجَمَعَ الرِّوَايَاتِ نَصٌّ عَنْ مَالِكٍ فِي أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>