للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ قَدَّمْنَا الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِأَوَامِرَ مُتَعَدِّدَةٍ مُخْتَلِفَةِ الْمُتَعَلِّقَاتِ، فَقَالَ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [التوبة: ٢٩].

وَقَالَ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: ٥].

وَقَالَ: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة: ٣٦].

وَقَالَ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ} [التوبة: ١٢٣].

وَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ مُنَاسِبٌ، وَالْمَقْصُودُ قِتَالُ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ، وَقِتَالُ الْكُفَّارِ أَيْنَمَا وُجِدُوا، وَقِتَالُ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَهُمْ الرُّومُ، وَبَعْضُ الْحُبْشَانِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَتَكَيَّفُ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: بِالِابْتِدَاءِ مِمَّنْ يَلِي، فَيُقَاتِلُ كُلُّ وَاحِدٍ مَنْ يَلِيهِ، وَيَتَّفِقُ أَنْ يَبْدَأَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ بِالْأَهَمِّ مِمَّنْ يَلِيهِمْ، أَوْ الَّذِينَ يُتَيَقَّنُ الظَّفَرُ بِهِمْ.

وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ بِمَنْ نَبْدَأُ بِالرُّومِ أَوْ بِالدَّيْلَمِ؟ فَقَالَ: بِالرُّومِ.

وَقَدْ رُوِيَ فِي الْأَثَرِ: " اُتْرُكُوا الرَّابِضِينَ مَا تَرَكُوكُمْ " يَعْنِي الرُّومَ وَالْحَبَشَ.

وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ أَصَحُّ، وَبُدَاءَتُهُ بِالرُّومِ قَبْلَ الدَّيْلَمِ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ؛ فَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ أَكْثَرُ وَآكَدُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ إلَيْنَا أَقْرَبُ، أَعْنِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ.

الثَّالِثُ: أَنَّ بِلَادَ الْأَنْبِيَاءِ فِي بِلَادِهِمْ أَكْثَرُ، فَاسْتِنْقَاذُهَا مِنْهُمْ أَوْجَبُ.

[الْآيَة التَّاسِعَة وَالْأَرْبَعُونَ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إيمَانًا]

الْآيَةُ التَّاسِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: ١٢٤].

قَدْ قَدَّمْنَا الْقَوْلَ فِي زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ، وَاسْتِيفَاؤُهُ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>