للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا تَحَدَّثَ بِهَا فَفُسِّرَتْ نَفَذَ حُكْمُهَا إذَا كَانَ بِحَقٍّ عَنْ عِلْمٍ، لَا كَمَا قَالَ أَصْحَابُ الْمَلِكِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا تَفْسِيرًا، وَإِنَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَمْحُوهَا عَنْ صَدْرِ الْمَلِكِ حَتَّى لَا تَشْغَلَ لَهُ بَالًا.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى {لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} [يوسف: ٤٦]. يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَعْلَمُونَ بِمَكَانِك، فَيَظْهَرُ عِنْدَهُمْ فَضْلُك حَتَّى يَكُونَ سَبَبَ خَلَاصِك، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْعِلْمُ عَلَى بَابِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ الرُّؤْيَا، وَيُسَمَّى عِلْمًا، وَإِنْ كَانَ ظَنًّا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ كُلُّ ظَنٍّ شَرْعِيٍّ يَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ بِالدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ الَّذِي أُسْنِدَ إلَيْهِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ} [يوسف: ٤٩]. وَهَذَا عَامٌ لَمْ يَقَعْ السُّؤَالُ عَنْهُ، فَقِيلَ، إنَّ اللَّهَ زَادَهُ عِلْمًا عَلَى مَا سَأَلُوهُ عَنْهُ إظْهَارًا لِفَضْلِهِ وَإِعْلَامًا بِمَكَانِهِ مِنْ الْعِلْمِ، وَمَعْرِفَتِهِ. وَقِيلَ: أَدْرَكَ ذَلِكَ بِدَقَائِقَ مِنْ تَأْوِيلِ الرُّؤْيَا لَا تَرْتَقِي إلَيْهَا دَرَجَتُنَا. وَهَذَا صَحِيحٌ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إلَى رَبِّك]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوسف: ٥٠] ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ. وَلَوْ لَبِثْت فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لَأَجَبْت الدَّاعِيَ» وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ: «يَرْحَمُ اللَّهُ يُوسُفَ، لَوْ كُنْت أَنَا الْمَحْبُوسُ، ثُمَّ أُرْسِلَ إلَيَّ لَخَرَجْت سَرِيعًا، إنْ كَانَ لَحَلِيمًا ذَا أَنَاةٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>