للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة كَيْفَ اسْتَجَازَ يُوسُف أَنْ يَقْبَلَ الْوِلَايَة بِتَوْلِيَةِ كَافِرٍ وَهُوَ مُؤْمِنٌ نَبِيٌّ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: كَيْفَ اسْتَجَازَ أَنْ يَقْبَلَهَا بِتَوْلِيَةِ كَافِرٍ، وَهُوَ مُؤْمِنٌ نَبِيٌّ؟ قُلْنَا: لَمْ يَكُنْ سُؤَالَ وِلَايَةٍ؛ إنَّمَا كَانَ سُؤَالَ تَخَلٍّ وَتَرْكٍ، لِيَنْتَقِلَ إلَيْهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ لَمَكَّنَهُ مِنْهَا بِالْقَتْلِ وَالْمَوْتِ وَالْغَلَبَةِ وَالظُّهُورِ وَالسُّلْطَانِ وَالْقَهْرِ، لَكِنَّ اللَّهَ أَجْرَى سُنَّتَهُ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ، فَبَعْضُهُمْ عَامَلَهُمْ الْأَنْبِيَاءُ بِالْقَهْرِ [وَالسُّلْطَانِ] وَالِاسْتِعْلَاءِ، وَبَعْضُهُمْ عَامَلَهُمْ الْأَنْبِيَاءُ بِالسِّيَاسَةِ وَالِابْتِلَاءِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: ٥٦] حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ، وَهِيَ الْآيَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ.

[الْآيَة الْخَامِسَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ]

ٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [يوسف: ٦٧].

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي أَمْرِهِ لَهُمْ بِالتَّفَرُّقِ: وَفِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ؛ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ تُقَاةُ الْعَيْنِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُوَحِّدِينَ أَنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ، وَهُوَ مِنْ أَفْعَالِ اللَّهِ مَوْجُودٌ، وَعِنْدَ جَمِيعِ الْمُتَشَرِّعِينَ مَعْلُومٌ، وَالْبَارِئُ تَعَالَى هُوَ الْفَاعِلُ الْخَالِقُ، لَا فَاعِلَ بِالْحَقِيقَةِ وَلَا خَالِقَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد: ١٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>