للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا الصَّدَقَةَ وَهُمْ الْأَنْبِيَاءُ؟ قُلْنَا: عَنْهُ خَمْسَةُ أَجْوِبَةٍ:

أَحَدُهَا: لَا يَعْلَمُ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُمْ أَنْبِيَاءٌ، وَآمَنَا بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ.

الثَّانِي: أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ أَنْبِيَاءَ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَالُهُمْ مَعَ الصَّدَقَةِ فِي شَرْعِهِمْ، فَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ مُبَاحًا لَهُمْ.

الرَّابِعُ: مَعْنَى تَصَدَّقْ سَامِحْ، لَا أَصْلُ الصَّدَقَةِ.

الْخَامِسُ: قِيلَ: تَصَدَّقْ عَلَيْنَا بِأَخِينَا. وَبِالْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرِينَ أَقُولُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْآيَة الثَّانِيَة وَالْعُشْرُونَ قَوْله تَعَالَى وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا]

وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف: ١٠٠].

قَالَ الْعُلَمَاءُ: كَانَ هَذَا سُجُودَ تَحِيَّةٍ لَا سُجُودَ عِبَادَةٍ، وَهَكَذَا كَانَ سَلَامُهُمْ بِالتَّكْبِيرِ وَهُوَ الِانْحِنَاءُ، وَقَدْ نَسَخَ اللَّهُ فِي شَرْعِنَا ذَلِكَ، وَجَعَلَ الْكَلَامَ بَدَلًا عَنْ الِانْحِنَاءِ وَالْقِيَامِ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ كَفَّرَتْ أَعْضَاؤُهُ اللِّسَانَ، تَقُولُ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ فِينَا، فَإِنَّك إنْ اسْتَقَمْت اسْتَقَمْنَا، وَإِنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا». فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُ فِي الْإِشَارَةِ بِالْإِصْبَعِ؟ قُلْنَا: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>