للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ: إنَّمَا عَوَّلَ مَالِكٌ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ عَلَى تَشْبِيهِ لِقَاحِ الشَّجَرِ بِلِقَاحِ الْحَمْلِ، وَأَنَّ الْوَلَدَ إذَا عُقِدَ وَخُلِقَ وَنُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ تَحَبُّبِ الثَّمَرِ وَسَنْبَلَتِهِ، وَلِأَنَّهُ سُمِّيَ بِاسْمٍ تَشْتَرِك فِيهِ كُلُّ حَامِلَةٍ، وَهُوَ اللِّقَاحُ، وَعَلَيْهِ جَاءَ الْحَدِيثُ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ».

[الْآيَة الثَّانِيَة قَوْله تَعَالَى وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ]

َ} [الحجر: ٢٤].

فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَتْ امْرَأَةٌ تُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا وَاَللَّهِ مَا رَأَيْت قَطُّ مِثْلَهَا. قَالَ: فَكَانَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ إذَا صَلَّوْا تَقَدَّمُوا، وَبَعْضُهُمْ يَسْتَأْخِرُ، فَإِذَا سَجَدُوا نَظَرُوا إلَيْهَا مِنْ تَحْتِ أَيْدِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ».

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي شَرْحِ الْمُرَادِ بِهَا: فِيهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: الْمُتَقَدِّمِينَ فِي الْخَلْقِ إلَى الْيَوْمِ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بَعْدُ؛ بَيَانًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ الْمَوْجُودَ وَالْمَعْدُومَ؛ قَالَهُ قَتَادَةُ وَجَمَاعَةٌ.

الثَّانِي: مَنْ مَاتَ، وَمَنْ بَقِيَ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.

الثَّالِثُ: الْمُسْتَقْدِمِينَ [مِنْ] سَائِرِ الْأُمَمِ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ. الرَّابِعُ: قَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَاهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ فِي الطَّاعَةِ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ فِي الْمَعْصِيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>