للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ غَيْرُهُمْ: بَلْ هِيَ اسْتِدْلَالٌ بِالْعَلَامَةِ، وَمِنْ الْعَلَامَاتِ ظَاهِرٌ يَبْدُو لِكُلِّ أَحَدٍ، بِأَوَّلِ نَظَرٍ، وَمِنْهَا مَا هُوَ خَفِيٌّ فَلَا يَبْدُو لِكُلِّ أَحَدٍ، وَلَا يُدْرَكُ بِبَادِئِ النَّظَرِ. وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ»

وَهَذَا مُبَيَّنٌ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ.

[مَسْأَلَة الْحُكْمُ بِالْفِرَاسَةِ فِي الْأَحْكَامِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:

إذَا ثَبَتَ أَنَّ التَّوَهُّمَ وَالتَّفَرُّسَ مِنْ مَدَارِكِ الْمَعَانِي وَمَعَالِمِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ، وَلَا يُؤْخَذُ بِهِ مَوْسُومٌ وَلَا مُتَفَرَّسٌ. وَقَدْ كَانَ قَاضِي الْقُضَاةِ الشَّامِيُّ الْمَالِكِيُّ بِبَغْدَادَ أَيَّامَ كَوْنِي بِالشَّامِ يَحْكُمُ بِالْفِرَاسَةِ فِي الْأَحْكَامِ جَرْيًا عَلَى طَرِيقَةِ إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَيَّامَ كَانَ قَاضِيهَا، وَلِشَيْخِنَا فَخْرِ الْإِسْلَامِ أَبِي بَكْرٍ الشَّاشِيِّ جُزْءٌ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ، كَتَبَهُ لِي بِخَطِّهِ، وَأَعْطَانِيهِ، وَذَلِكَ صَحِيحٌ؛ فَإِنَّ مَدَارَك الْأَحْكَامِ مَعْلُومَةٌ شَرْعًا، مُدْرَكَةٌ قَطْعًا، وَلَيْسَتْ الْفِرَاسَةُ مِنْهَا.

[الْآيَة السَّابِعَة قَوْله تَعَالَى وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ]

َ} [الحجر: ٨٠].

فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الْحِجْرِ وَتَفْسِيرِهِ: وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهَا دِيَارُ ثَمُودَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>