للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَهْلِيَّةِ».

وَقَوْلُهُ: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: ١٤٥] آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ، كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ، فَإِنْ عَوَّلْنَا عَلَيْهَا فَالْكُلُّ سِوَاهَا مُبَاحٌ، وَإِنْ رَأَيْنَا إلْحَاقَ غَيْرِهَا بِهَا حَسْبَمَا يَتَرَتَّبُ فِي الْأَدِلَّةِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ». ثُمَّ جَاءَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا حَتَّى انْتَهَتْ أَسْبَابُ إبَاحَةِ الدَّمِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إلَى عَشَرَةِ أَسْبَابٍ، فَالْحَالُ فِي ذَلِكَ مُتَرَدِّدَةٌ وَلِأَجْلِهِ اخْتَارَ الْمُتَوَسِّطُونَ مِنْ عُلَمَائِنَا الْكَرَاهِيَةَ فِي هَذِهِ الْحُرُمَاتِ، تَوَسُّطًا بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ؛ لِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ، وَإِشْكَالِ مَأْخَذِ الْفَتْوَى فِيهَا.

وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: الثَّعْلَبُ وَالضَّبُعُ حَلَالٌ، وَهُوَ قَدْ عَوَّلَ عَلَى قَوْلِهِ: «أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ حَرَامٌ»، وَلَكِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الضَّبُعَ يَخْرُجُ عَنْهُ بِحَدِيثٍ يَرْوِيهِ جَابِرٌ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الضَّبُعِ أَحَلَالٌ هِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَفِيهَا إذَا أَتْلَفَهَا الْمُحْرِمُ كَبْشٌ».

وَفِي رِوَايَةٍ: هِيَ صَيْدٌ، وَفِيهَا كَبْشٌ.

وَهَذَا نَصٌّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا زَعَمَ لَوْ صَحَّ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ سَنَدُهُ، وَلَوْ عَوَّلْنَا عَلَيْهِ لَمَا خَصَّصْنَا التَّحْلِيلَ مِنْ جُمْلَةِ السِّبَاعِ بِالضَّبُعِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: إنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى قَاعِدَةِ التَّحْلِيلِ، وَأَنَّ الْكُلَّ قَدْ خَرَجَ عَنْ التَّحْرِيمِ، وَانْحَصَرَتْ الْمُحَرَّمَاتُ فِي آيَةِ الْأَنْعَامِ، وَهَذِهِ الْمُعَارَضَاتُ هِيَ الَّتِي أَوْجَبَتْ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ، فَانْظُرُوهَا وَاسْبُرُوهَا، وَمَا ظَهَرَ هُوَ الَّذِي يَتَقَرَّرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَة الْخَيْلِ مِنْهَا هَلْ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ مَالِكِ الْخَيْلِ أَمْ لَا]

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: ذَكَرَ اللَّهُ الْأَنْعَامَ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ فِي مَسَاقِ النَّعَمِ ذِكْرًا وَاحِدًا، وَذَكَرَ لِكُلِّ جِنْسٍ مِنْهَا مَنْفَعَةً حَسْبَمَا سَرَدْنَاهُ لَكُمْ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْخَيْلِ مِنْهَا؛ هَلْ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ مَالِكِهَا أَمْ لَا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>