للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى سَكَرًا]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: {سَكَرًا} [النحل: ٦٧]: فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَغَيْرُهُمَا.

الثَّانِي: أَنَّهُ خُمُورُ الْأَعَاجِمِ؛ قَالَهُ قَتَادَةُ، وَيَرْجِعُ إلَى الْأَوَّلِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ الْخَلُّ؛ قَالَهُ الْحَسَنُ أَيْضًا.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ الطَّعْمُ الَّذِي يُعْرَفُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ؛ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ.

الْخَامِسُ: أَنَّهُ مَا يَسُدُّ الْجُوعَ، مَأْخُوذٌ مِنْ سَكَرْتُ النَّهْرَ، إذَا سَدَدْته.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الرِّزْقُ الْحَسَنُ: فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمَا.

الثَّانِي: أَنَّهُ النَّبِيذُ وَالْخَلُّ؛ قَالَهُ قَتَادَةُ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ الْأَوَّلُ، يَقُولُ: تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا، فَجَعَلَ لَهُ اسْمَيْنِ، وَهُوَ وَاحِدٌ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: أَمَّا هَذِهِ الْأَقَاوِيلُ فَأَسَدُّهَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّ السَّكَرَ الْخَمْرُ، وَالرِّزْقُ الْحَسَنُ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ بَعْدَهَا مِنْ هَذِهِ الثَّمَرَاتِ.

وَيُخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اعْتِدَاءً مِنْكُمْ، وَمَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ اتِّفَاقًا أَوْ قَصْدًا إلَى مَنْفَعَةِ أَنْفُسِكُمْ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَتَحْرِيمُ الْخَمْرِ مَدَنِيٌّ. فَإِنْ قِيلَ، وَهِيَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>