للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: أَنَّهَا النِّسَاءُ أَمَرَنَا بِإِتْيَانِهِنَّ مِنْ الْقُبُلِ لَا مِنْ الدُّبُرِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهَا مَثَلٌ؛ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَأْتُوا الْأُمُورَ مِنْ وُجُوهِهَا.

الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: فِي تَحْقِيقِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ: أَمَّا الْقَوْلُ إنَّ الْمُرَادَ بِهَا النِّسَاءُ: فَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ، فَلَمْ يُوجَدْ وَلَا دَعَتْ إلَيْهِ حَاجَةٌ.

وَأَمَّا كَوْنُهُ مَثَلًا فِي إتْيَانِ الْأُمُورِ مِنْ وُجُوهِهَا: فَذَلِكَ جَائِزٌ فِي كُلِّ آيَةٍ؛ فَإِنَّ لِكُلِّ حَقِيقَةٍ مَثَلًا مِنْهَا مَا يَقْرَبُ وَمِنْهَا مَا يَبْعُدُ.

وَحَقِيقَةُ هَذِهِ الْآيَةِ الْبُيُوتُ الْمَعْرُوفَةُ، بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ ذَكَرْنَا أَوْعَبَهَا عَنْ الزُّهْرِيِّ، فَحَقَّقَ أَنَّهَا الْمُرَادُ بِالْآيَةِ، ثُمَّ رَكَّبَ مِنْ الْأَمْثَالِ مَا يَحْمِلُهُ اللَّفْظُ وَيَقْرَبُ، وَلَا يُعَارِضُهُ شَيْءٌ.

[مَسْأَلَةٌ تَعَلُّقُ النَّذْرِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَسْأَلَةٍ مِنْ الْفِقْهِ، وَهِيَ أَنَّ الْفِعْلَ بِنِيَّةِ الْعِبَادَةِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْمَنْدُوبَاتِ خَاصَّةً دُونَ الْمُبَاحِ وَدُونَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.

وَاقْتِحَامُ الْبُيُوتِ مِنْ ظُهُورِهَا عِنْدَ التَّلَبُّسِ بِالْعُمْرَةِ لَمْ يَكُنْ نَدْبًا فَيُقْصَدُ بِهِ وَجْهُ الْقُرْبَةِ؛ وَلِذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ النَّذْرُ بِمُبَاحٍ وَلَا مَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ مَنْدُوبٍ؛ وَهَذَا أَصْلٌ حَسَنٌ.

[الْآيَةُ الْمُوفِيَةُ أَرْبَعِينَ قَوْله تَعَالَى وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ]

الْآيَةُ الْمُوفِيَةُ أَرْبَعِينَ

قَوْله تَعَالَى {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: ١٩٠].

فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي مُقَدَّمَةٍ لَهَا: إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْبَيَانِ وَالْحُجَّةِ، وَأَوْعَزَ إلَى عِبَادِهِ عَلَى لِسَانِهِ بِالْمُعْجِزَةِ وَالتَّذْكِرَةِ، وَفَسَّحَ لَهُمْ فِي الْمَهْلِ، وَأَرْخَى لَهُمْ فِي الطِّيَلِ مَا شَاءَ مِنْ الْمُدَّةِ بِمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>