للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالرَّجُلِ، فَأَمَّا قَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ أَبَانَ اللَّهُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ حَقَّهُمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّ مَحَبَّتَهُمْ هِيَ أَجْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى هُدَاهُ لَنَا.

[مَسْأَلَة حَقّ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى {وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [الإسراء: ٢٦]: وَلَهُمْ حَقَّانِ:

أَحَدُهُمَا: أَدَاءُ الزَّكَاةِ.

وَالثَّانِي: الْحَقُّ الْمُفْتَرَضُ مِنْ الْحَاجَةِ عِنْدَ عَدَمِ الزَّكَاةِ، أَوْ فَنَائِهَا، أَوْ تَقْصِيرِهَا مِنْ عُمُومِ الْمُحْتَاجِينَ، وَأَخْذِ السُّلْطَانِ دُونَهُمْ، وَقَدْ حَقَّقْنَا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى، فَانْظُرُوا فِيهِ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: {وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء: ٢٦] قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: التَّبْذِيرُ هُوَ مَنْعُهُ مِنْ حَقِّهِ، وَوَضْعُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ، وَهُوَ أَيْضًا تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ: «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ».

وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ وَهُوَ الْإِسْرَافُ، وَذَلِكَ حَرَامٌ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: ٢٧] وَذَلِكَ نَصٌّ فِي التَّحْرِيمِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَمَنْ أَنْفَقَ فِي الشَّهَوَاتِ، هَلْ هُوَ مُبَذِّرٌ أَمْ لَا؟ قُلْنَا: مَنْ أَنْفَقَ مَالَهُ فِي الشَّهَوَاتِ زَائِدًا عَلَى الْحَاجَاتِ، وَعَرَّضَهُ بِذَلِكَ لَلنَّفَادِ فَهُوَ مُبَذِّر. وَمَنْ أَنْفَقَ رِبْحَ مَالِهِ فِي شَهَوَاتِهِ، أَوْ غَلَّتَهُ، وَحَفِظَ الْأَصْلَ أَوْ الرَّقَبَةَ، فَلَيْسَ بِمُبَذِّرٍ. وَمَنْ أَنْفَقَ دِرْهَمًا فِي حَرَامٍ فَهُوَ مُبَذِّرٌ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي نَفَقَةِ دِرْهَمٍ فِي الْحَرَامِ، وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِبَذْلِهِ فِي الشَّهَوَاتِ، إلَّا إذَا خِيفَ عَلَيْهِ النَّفَادُ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمْ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ} [الإسراء: ٢٨] الْآيَةَ: أَمَرَ اللَّهُ بِالْإِقْبَالِ عَلَى الْآبَاءِ وَالْقَرَابَةِ وَالْمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ عِنْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْعَطَاءِ، وَالْقُدْرَةِ، فَإِنْ كَانَ عَجْزٌ عَنْ ذَلِكَ جَازَ الْإِعْرَاضُ، حَتَّى يَرْحَمَ اللَّهُ بِمَا يُعَادُ عَلَيْهِمْ بِهِ؛ فَاجْعَلْ بَدَلَ الْعَطَاءِ قَوْلًا فِيهِ يُسْرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>