للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَجَمَعَ بَيْنَ قُوَّةِ الْبَدَنِ بِبُلُوغِ النِّكَاحِ، وَبَيْنَ قُوَّةِ الْمَعْرِفَةِ بِإِينَاسِ الرُّشْدِ، وَعَضَّدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ لَوْ اقْتَضَتْ الْآيَةُ تَمْكِينَ الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَعْرِفَةِ لَهُ وَبَعْدَ حُصُولِ قُوَّةِ الْبَدَنِ لَأَذْهَبَهُ فِي شَهَوَاتِهِ، وَبَقِيَ صُعْلُوكًا لَا مَالَ لَهُ. وَخَصَّ الْيَتِيمَ بِهَذَا الشَّرْطِ فِي هَذَا الذِّكْرِ لِغَفْلَةِ النَّاسِ عَنْهُ، وَافْتِقَادِ الْآبَاءِ لِبَنِيهِمْ، فَكَانَ الْإِهْمَالُ لِفَقِيدِ الْأَبِ أَوْلَى.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا} [الإسراء: ٣٤] يَعْنِي مَسْئُولًا عَنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْعَهْدِ فِي مَوَاضِعَ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إذَا كِلْتُمْ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ} [الإسراء: ٣٥] يُرِيدُ أَعْطُوهُ بِالْوَفَاءِ، وَهُوَ التَّمَامُ، لَا بَخْسَ فِيهِ، بِالْقِسْطِ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ: {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} [الإسراء: ٣٥] يَعْنِي الْمِيزَانَ الْعَدْلَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الْقَبَّانُ يَعْنِي بِهِ مَا قَالَ اللَّهُ مُخْبِرًا عَنْهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ} [هود: ٨٤] وَقَالَ: {وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} [الرحمن: ٧] {أَلا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ} [الرحمن: ٨] لَا بِزِيَادَةٍ وَلَا بِنُقْصَانٍ. وَمِنْ نَوَادِرِ أَبِي الْفَضْلِ الْجَوْهَرِيِّ مَا أَنْبَأَنَا عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْوَاعِظُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذَا أَمْسَكْت عَلَّاقَةَ الْمِيزَانِ بِالْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ، وَارْتَفَعَتْ سَائِرُ الْأَصَابِعِ كَانَ تَشَكُّلِهَا مَقْرُوءًا بِقَوْلِك اللَّهُ، فَكَأَنَّهَا إشَارَةُ مِنْهُ سُبْحَانَهُ فِي تَسْيِيرِ الْوَزْنِ كَذَلِكَ إلَى أَنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ عَلَيْك، فَاعْدِلْ فِي وَزْنِك.

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْلُهُ: {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} [الإسراء: ٣٥]: أَيْ عَاقِبَةً. مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَدْلَ وَالْوَفَاءَ فِي الْكَيْلِ أَفْضَلُ لِلتَّاجِرِ وَأَكْرَمُ لِلْبَائِعِ مِنْ طَلَبِ الْحِيلَةِ فِي الزِّيَادَةِ لِنَفْسِهِ، وَالنُّقْصَانِ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَحْسَنُ عَاقِبَةٍ، فَإِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ.

[الْآيَة الْعَاشِرَة قَوْله تَعَالَى وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ]

ٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} [الإسراء: ٣٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>