للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُلْكِهِ، مَا جَرَى شَيْءٌ مِنْ هَذَا عَلَى الْأَلْسِنَةِ، وَلَكِنَّهُ الْقُدُّوسُ الْحَكِيمُ الْحَلِيمُ، فَلَمْ يُبَالِ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا يَقُولُهُ الْمُبْطِلُونَ.

[مَسْأَلَة الرَّجُلَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ ابْنَهُ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} [مريم: ٩٣] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ ابْنَهُ وَوَجْهُ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْوَلَدِيَّةَ وَالْعَبْدِيَّةَ فِي طَرَفَيْ تَقَابُلٍ، فَنَفَى إحْدَاهُمَا، وَأَثْبَتَ الْأُخْرَى، وَلَوْ اجْتَمَعَتَا لَمَا كَانَ لِهَذَا الْقَوْلِ فَائِدَةٌ يَقَعُ الِاحْتِجَاجُ بِهَا، وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَيْهَا، وَالتَّبَرِّي مِنْهَا؛ وَلِهَذَا أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ أَمَةَ الرَّجُلِ إذَا حَمَلَتْ فَإِنَّ وَلَدَهَا فِي بَطْنِهَا حُرٌّ لَا رِقَّ فِيهِ بِحَالٍ، وَمَا جَرَى فِي أُمِّهِ مَوْضُوعٌ عَنْهُ، وَلَوْ لَمْ يُوضَعْ عَنْهُ، فَلَا خِلَافَ فِي الْوَلَدِ، وَبِهِ يَقَعُ الِاحْتِجَاجُ.

وَإِذَا اشْتَرَى الْحُرُّ أَبَاهُ وَابْنَهُ عَتَقَا عَلَيْهِ، حِينَ يَتِمُّ الشِّرَاءُ.

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ». فَهَذَا نَصٌّ.

وَالْأَوَّلُ دَلِيلٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى؛ فَإِنَّ الْأَبَ إذَا لَمْ يَمْلِكْ ابْنَهُ مَعَ عُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ عَلَيْهِ فَالِابْنُ بِعَدَمِ مِلْكِ الْأَبِ أَوْلَى مَعَ قُصُورِهِ عَنْهُ، وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ، فَإِذَا أَزَالَ مِلْكَ الْغَيْرِ بِالشِّرَاءِ إلَيْهِ تَبْطُلُ عَنْهُ، وَعَتَقَ، وَالْتَحَقَ بِالْأَوَّلِ، وَفِي ذَلِكَ تَفْرِيعٌ وَتَفْصِيلٌ مَوْضِعُهُ شَرْحُ الْحَدِيثِ، وَمَسَائِلُ الْفِقْهِ، فَلْيُنْظَرْ فِيهَا.

[مَسْأَلَة الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَنُ وُدًّا]

الْآيَةُ السَّادِسَةُ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: ٩٦]. فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>