للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ]

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: فِي تَحْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كُلِّهَا: وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، لَكِنَّ الْمَوَاشِيَ جَاءَ فِيهَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ». فَحَكَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ فِعْلَ الْبَهَائِمِ هَدَرٌ، وَهَذَا عُمُومٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ سَنَدًا وَمَتْنًا، وَحَدِيثُ نَاقَةِ الْبَرَاءِ خَاصٌّ، وَمَا قَضَى بِهِ دَاوُد وَسُلَيْمَانُ غَيْرُ مَعْلُومٍ عَلَى التَّعْيِينِ مِمَّنْ يَقْطَعُ بِصِدْقِهِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ نَعْتَنِيَ بِشَرْعِنَا، فَنَقُولَ:

لَا خِلَافَ أَنَّ الْعَامَّ يَقْضِي عَلَيْهِ الْخَاصُّ، وَقَضَاءُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَاقَةِ الْبَرَاءِ بِأَنَّ حِفْظَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَرْبَابِهَا؟ لِمَا عَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي مِنْ الْمَشَقَّةِ فِي حِفْظِهَا بِالنَّهَارِ، وَبِأَنَّ حِفْظَ الْكُلِّ بِاللَّيْلِ عَلَى أَرْبَابِ الْمَوَاشِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حِفْظِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ شَاقٌّ عَلَى أَرْبَابِهَا، فَجَرَى الْحُكْمُ عَلَى الْأَوْفَقِ وَالْأَسْمَحِ بِمُقْتَضَى الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وَمَجْرَى الْمَصْلَحَةِ، وَكَانَ ذَلِكَ أَوْفَقَ لِلْفَرِيقَيْنِ، وَأَسْهَلَ عَلَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَأَحْفَظَ لِلْمَالِكَيْنِ. وَلَيْسَ فِي هَذَا اخْتِلَافٌ؛ لِمَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّينَ الْمُتَقَدِّمِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ - فِي أَصْلِ الضَّمَانِ، وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافٌ فِي صِفَتِهِ.

[مَسْأَلَة ضَمَان أَرْبَابِ الْمَوَاشِي مَا أَصَابَتْ]

الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: قَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا ضَمَانَ عَلَى أَرْبَابِ الْمَوَاشِي فِيمَا أَصَابَتْ بِالنَّهَارِ وَقَالَ اللَّيْثُ: يَضْمَنُ أَرْبَابُ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>