للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّابِعُ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْمُخَلَّقَةُ الَّتِي خَلَقَ فِيهَا الرَّأْسَ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. وَغَيْرُ مُخَلَّقَةٍ الَّتِي لَمْ يَخْلُقْ فِيهَا شَيْئًا.

[مَسْأَلَة الصَّلَاةِ عَلَى السَّقْطِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:

قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: إنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالصَّلَاةِ عَلَى السَّقْطِ، وَيَقُولُ: سَمُّوهُمْ وَاغْسِلُوهُمْ، وَكَفِّنُوهُمْ وَحَنِّطُوهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَ بِالْإِسْلَامِ صَغِيرَكُمْ وَكَبِيرَكُمْ، وَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ: {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: ٥]، لَمْ يَسْتَتِمَّ سَائِرُ خَلْقِهَا، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خَلْقًا تَامًّا.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ:

إذَا رَجَعْنَا إلَى أَصْلِ الِاشْتِقَاقِ فَإِنَّ النُّطْفَةَ وَالْعَلَقَةَ وَالْمُضْغَةَ مُخَلَّقَةٌ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ خَلْقُ اللَّهِ، وَإِذَا رَجَعْنَا إلَى التَّصْوِيرِ الَّذِي هُوَ مُنْتَهَى الْخِلْقَةِ كَمَا قَالَ: ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَذَلِكَ مَا قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: إنَّهَا الَّتِي صُوِّرَتْ بِرَأْسٍ وَيَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ، وَبَيْنَهَا حَالَاتٌ.

فَأَمَّا النُّطْفَةُ فَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ يَقِينًا، وَأَمَّا إنْ تَلَوَّنَتْ فَقَدْ تَخَلَّقَتْ فِي رَحِمِ الْأُمِّ بِالتَّلْوِينِ، وَتَخَلَّقَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِالتَّخْثِيرِ؛ فَإِنَّهُ إنْشَاءٌ بَعْدَ إنْشَاءٍ.

وَيَزْعُمُ قَوْمٌ أَنَّ مَعَ التَّخْثِيرِ يَظْهَرُ التَّخْطِيطُ وَمِثَالُ التَّصْوِيرِ، فَلِذَلِكَ شَكَّ مَالِكٌ فِيهِ، وَقَالَ: وَمِنْ رَأْيِي مَنْ يُعْرَفُ أَنَّهُ سَقْطٌ فَهُوَ الَّذِي تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ. وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَاهُ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ، وَشَرْحُ الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ فَلْيُنْظَرْ هُنَالِكَ.

وَعَلَى هَذَا يُحْمَلَ مَا جَاءَ مِنْ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ عَلَى الْمُخَلَّقِ وَغَيْرِ الْمُخَلَّقِ، وَعَلَى التَّامِّ وَالنَّاقِصِ. وَلَعَلَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَرَادَ السَّقْطَ مَا تَبَيَّنَ خَلْقُهُ فَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى، وَمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خَلْقُهُ فَلَا وُجُودَ لَهُ، وَالِاسْمُ فِيهِ دُونَ مَوْجُودٍ يُسَمَّى وَبِمَاذَا تَكُونُ الْوَلَدُ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ هُنَالِكَ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ، وَاَللَّهُ يَنْفَعُنَا بِعِزَّتِهِ.

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ:

إذَا ثَبَتَ هَذَا فَإِنَّ عِدَّةَ الْمَرْأَةِ تَنْقَضِي بِالسَّقْطِ الْمَوْضُوعِ، ذَكَرَهُ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حَمْلٌ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>