للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ: تَغْدُو فِي الطَّاعَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: ١٣٢].

قُلْنَا: إنَّمَا أَرَادَ بِالْغُدُوِّ الِاغْتِدَاءَ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ، فَأَمَّا الْإِقْبَالُ عَلَى الْعِبَادَةِ وَهِيَ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ، وَهُوَ أَنْ يُقْبِلَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَيَتْرُكَ طَلَبَ الْعَادَةِ فَإِنَّ اللَّهَ يَفْتَحُ لَهُ. وَعَلَى هَذَا كَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ، وَهَذَا حَالَةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا أَكْثَرُ الْخَلْقِ، وَبَعْدَ هَذَا مَقَامَاتٌ فِي التَّفْوِيضِ وَالِاسْتِسْلَامِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهَا فِي كِتَابِ أَنْوَارِ الْفَجْرِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

[الْآيَة السَّادِسَة قَوْله تَعَالَى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً]

ً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: ٦٢].

فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي تَفْسِيرِ الْخِلْفَةِ: وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ جَعَلَ أَحَدَهُمَا مُخَالِفًا لِلْآخَرِ، يَتَضَادَّانِ، وَيَتَعَارَضَانِ وَضْعًا وَوَقْتًا، وَبِذَلِكَ نُمَيِّزُ.

الثَّانِي: أَنَّهُ إذَا مَضَى وَاحِدٌ جَاءَ آخَرُ، وَمِنْهُ قَوْلُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: بِهَا الْعِيسُ وَالْآرَامُ يَمْشِينَ خِلْفَةً وَأَطْلَاؤُهَا يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَمٍ الثَّالِثُ: مَعْنَى خِلْفَةٍ: مَا فَاتَ فِي هَذَا خَلَفَهُ فِي هَذَا.

فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «مَا مِنْ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بِلَيْلٍ، فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ، فَيُصَلِّي مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ إلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ صَلَاتِهِ، وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>