للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْآيَةُ الرَّابِعَةُ قَوْله تَعَالَى وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ]

َ} [الشعراء: ١٣٠]

فِيهَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ: فِي نُزُولِهَا خَبَرٌ عَمَّنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأُمَمِ، وَوَعْظٌ مِنْ اللَّهِ لَنَا فِي مُجَانَبَةِ ذَلِكَ الْفِعْلِ الَّذِي ذَمَّهُمْ بِهِ، وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: قَالَ نَافِعٌ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [الشعراء: ١٣٠] قَالَ: يَعْنِي بِهِ السَّوْطَ وَقَالَ غَيْرُهُ بِالْقَتْلِ؛ وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَ مَالِكٌ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنْ مُوسَى: {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} [القصص: ١٩].

وَذَلِكَ أَنَّ مُوسَى لَمْ يَسُلَّ عَلَيْهِ سَيْفًا، وَلَا طَعَنَهُ بِرُمْحٍ؛ وَإِنَّمَا وَكَزَهُ، فَكَانَتْ مَيْتَتُهُ فِي وَكْزَتِهِ. وَالْبَطْشُ يَكُونُ بِالْيَدِ، وَأَقَلُّهُ الْوَكْزُ وَالدَّفْعُ، وَيَلِيهِ السَّوْطُ وَالْعَصَا، وَيَلِيهِ الْحَدِيدُ؛ وَالْكُلُّ مَذْمُومٌ إلَّا بِحَقٍّ.

[الْآيَةُ الْخَامِسَةُ قَوْله تَعَالَى وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَك الْأَقْرَبِينَ]

َ} [الشعراء: ٢١٤].

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي نُزُولِهَا: وَذَاكَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِسَحَرٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَعِدَ الصَّفَا، ثُمَّ نَادَى: يَا صَبَاحَاهُ وَكَانَتْ دَعْوَةَ الْجَاهِلِيَّةِ إذَا دَعَاهَا الرَّجُلُ اجْتَمَعَتْ إلَيْهِ عَشِيرَتُهُ، فَاجْتَمَعَتْ إلَيْهِ قُرَيْشٌ عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهَا، فَعَمَّ وَخَصَّ، فَقَالَ: «أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ مُصْبِحُكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْك كَذِبًا. قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>