للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي، وَاَللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنَّا. فَضَحِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. قَالَ: فَأَنْتُمْ إذًا».

وَلَمَّا سَأَلَهُ النَّاسُ الْمَطَرَ فَأُمْطِرُوا، ثُمَّ سَأَلُوهُ الصَّحْوَ ضَحِكَ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنْ قِيلَ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكَ سُلَيْمَانُ؟ قُلْنَا: فِيهِ أَقْوَالٌ: أَصَحُّهَا أَنَّهُ ضَحِكَ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي تَسْخِيرِ الْجَيْشِ وَعَظِيمِ الطَّاعَةِ، حَتَّى لَا يَكُونَ اعْتِدَاءً.

وَلِذَلِكَ قَالَ: {أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} [النمل: ١٩] وَهُوَ حَقِيقَةُ الشُّكْرِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْآيَةُ السَّادِسَةُ قَوْله تَعَالَى وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِي لَا أَرَى الْهُدْهُدَ]

َ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} [النمل: ٢٠].

فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ تَفَقُّدِهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الطَّيْرَ كَانَتْ تُظِلُّ سُلَيْمَانُ مِنْ الشَّمْسِ حَتَّى تَصِيرَ عَلَيْهِ صَافَّاتٍ، كَالْغَمَامَةِ، فَطَارَ الْهُدْهُدُ عَنْ مَوْضِعِهِ، فَأَصَابَتْ الشَّمْسُ سُلَيْمَانَ، فَتَفَقَّدَهُ حِينَئِذٍ.

الثَّانِي: أَنَّ الْهُدْهُدَ كَانَ يَرَى تَحْتَ الْأَرْضِ الْمَاءَ، فَكَانَ يَنْزِلُ بِجَيْشِهِ، ثُمَّ يَقُولُ لِلْهُدْهُدِ: اُنْظُرْ بُعْدَ الْمَاءِ مِنْ قُرْبِهِ، فَيُشِيرُ لَهُ إلَى بِقْعَةٍ، فَيَأْمُرُ الْجِنَّ فَتَسْلُخُ الْأَرْضَ سَلْخَ الْأَدِيمِ، حَتَّى تَبْلُغَ الْمَاءَ، فَيَسْتَقِي وَيَسْقِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>