للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْآيَة الثَّالِثَةُ عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ]

َ} [النمل: ٣٥].

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: يُرْوَى أَنَّهَا قَالَتْ: إنْ كَانَ نَبِيًّا لَمْ يَقْبَلْ الْهَدِيَّةَ، وَإِنْ كَانَ مَلِكًا قَبِلَهَا.

وَفِي صِفَةِ النَّبِيِّ أَنَّهُ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، وَلَا يَقْبَلُ الصَّدَقَةَ. وَكَذَلِكَ كَانَ سُلَيْمَانُ، وَجَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ يَقْبَلُونَ الْهَدِيَّةَ.

وَإِنَّمَا جَعَلَتْ بِلْقِيسُ قَبُولَ الْهَدِيَّةِ أَوْ رَدَّهَا عَلَامَةً عَلَى مَا فِي نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَهَا فِي كِتَابِهِ: {أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: ٣١]. وَهَذَا لَا تُقْبَلُ فِيهِ فِدْيَةٌ، وَلَا تُؤْخَذُ عَنْهُ هَدِيَّةٌ.

وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْبَابِ الَّذِي تَقَرَّرَ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ بِسَبِيلٍ؛ وَإِنَّمَا هِيَ رِشْوَةٌ، وَبَيْعُ الْحَقِّ بِالْمَالِ هُوَ الرِّشْوَةُ الَّتِي لَا تَحِلُّ.

وَأَمَّا الْهَدِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ لِلتَّحَبُّبِ وَالتَّوَاصُلِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:

وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ مُشْرِكٍ؛ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ مُشْرِكٍ، فَفِي الْحَدِيثِ: «نُهِيت عَنْ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ».

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «لَقَدْ هَمَمْت أَلَّا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إلَّا مِنْ ثَقَفِيٍّ أَوْ دَوْسِيٍّ».

وَالصَّحِيحُ مَا ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا».

<<  <  ج: ص:  >  >>