للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة اسْتَأْجَرَ عَلَى عَمَلِ حَائِطٍ مَثَلًا]

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ: {أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} [القصص: ٢٨] الْمَعْنَى لَيْسَ لَك إنْ وَفَّيْت أَحَدَ الْأَجَلَيْنِ أَنْ تَتَعَدَّى عَلَيَّ بِالْمُطَالَبَةِ بِالزَّائِدِ عَلَيْهِ. فَلَوْ قَصَّرَ فِي الْعَامَيْنِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِنْ قَصَّرَ فِي الثَّمَانِي لَكَانَ عَلَيْهِ عُدْوَانٌ، وَهُوَ أَنْ يُعْدِيَ عَلَيْهِ.

وَكَيْفِيَّةُ الْعُدْوَانِ نُبَيِّنُهُ بِأَنْ نَقُولَ: اخْتَلَفَ إذَا اسْتَأْجَرَ عَلَى عَمَلِ حَائِطٍ مَثَلًا يُتِمُّهُ فَلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ، إلَّا أَنْ تَكُونَ مُقَاطَعَةً، فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يُتِمَّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ بِالنَّقْدِ فَيَنْقُدَهُ، وَيَلْزَمَهُ تَمَامُهُ. وَأَكْثَرُ بِنَاءِ النَّاسِ عَلَى الْمُقَاطَعَةِ، إذَا سَمَّى لَهُ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: اسْتَأْجَرْتُك عَلَى بُنْيَانِ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا، أَوْ نِصْفًا، أَوْ شَهْرَيْنِ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْقَوْلَ وَقَالَ: تَبْنِي هَذِهِ الدَّارَ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ، فَكُلَّمَا بَنَى أَخَذَ، أَوْ تَبْنِي هَذَا الْبَابَ، أَوْ هَذَا الْحَائِطَ، فَهُوَ مِثْلُهُ.

وَكَذَلِكَ كَانَتْ إجَارَةُ مُوسَى مُقَاطَعَةً، فَلَهَا حُكْمُ الْمُقَاطَعَةِ، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ طَوِيلٌ يَأْتِي فِي كُتُبِ الْمَسَائِلِ.

تَحْرِيرُهُ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْإِجَارَةِ إمَّا يَتَقَدَّرُ بِالزَّمَانِ، أَوْ بِصِفَةِ الْعَمَلِ الَّذِي يَضْبِطُ؛ فَإِنْ كَانَ بِالزَّمَانِ فَهُوَ مُقَدَّرٌ بِهِ، لَازِمٌ فِي مُدَّتِهِ. وَإِنْ كَانَ بِالْعَمَلِ فَإِنَّهُ يُضْبَطُ بِصِفَتِهِ، وَيَلْزَمُ الْأَجِيرَ تَمَامُ الْمُدَّةِ، أَوْ تَمَامُ الصِّفَةِ. وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُ ذَلِكَ، وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ إذَا كَانَ هَكَذَا إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ.

[مَسْأَلَة الْإِشْهَادِ فِي النِّكَاحِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ:

قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [القصص: ٢٨]

اكْتَفَى الصَّالِحَانِ بِاَللَّهِ فِي الْإِشْهَادِ، وَلَمْ يُشْهِدَا أَحَدًا مِنْ الْخَلْقِ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الْإِشْهَادِ فِي النِّكَاحِ عَلَى قَوْلَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ؛ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ يَنْعَقِدُ دُونَ شُهُودٍ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِعْلَانُ وَالتَّصْرِيحُ.

وَقَدْ مَهَّدْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ، وَبَيَّنَّا أَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَلَا يُشْتَرَطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>