للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، كَمَا مِنْ شَأْنِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ، كَمَا قَالَ: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٢٣].

وَكَمَا لَا يَخْرُجُ الْمُؤْمِنُ بِتَرْكِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ عَنْ الْإِيمَانِ كَذَلِكَ لَا يُخْرِجُ الْمُصَلِّي عَنْ الصَّلَاةِ بِأَنَّ صَلَاتَهُ قَصَرَتْ عَنْ هَذِهِ الصِّفَةِ.

وَقَالَ مَشْيَخَةُ الصُّوفِيَّةِ: الصَّلَاةُ الْحَقِيقِيَّةُ مَا كَانَتْ نَاهِيَةً، فَإِنْ لَمْ تَنْهَهُ فَهِيَ صُورَةُ صَلَاةٍ لَا مَعْنَاهَا، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ وُقُوفَهُ بَيْنَ يَدِي مَوْلَاهُ وَمُنَاجَاتَهُ لَهُ إنْ لَمْ تَدُمْ عَلَيْهِ بَرَكَتُهَا، وَتَظْهَرْ عَلَى جَوَارِحِهِ رَهْبَتُهَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ أُخْرَى، وَهُوَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ عَنْ رَبِّهِ مُعْرِضٌ، وَفِي حَالِ مُنَاجَاتِهِ غَافِلٌ عَنْهُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْفَحْشَاءُ:

الدُّنْيَا، فَتَنْهَاهُ الصَّلَاةُ عَنْهَا، حَتَّى لَا يَكُونَ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ حَظٌّ فِي قَلْبِهِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ».

وَقِيلَ: الْفَحْشَاءُ الْمَعَاصِي، وَهُوَ أَقَلُّ الدَّرَجَاتِ، فَمَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنْ الْمَعَاصِي وَلَمْ تَتَمَرَّنْ جَوَارِحُهُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، حَتَّى يَأْنَسَ بِالصَّلَاةِ وَأَفْعَالِهَا أُنْسًا يَبْعُدُ بِهِ عَنْ اقْتِرَافِ الْخَطَايَا، وَإِلَّا فَهِيَ قَاصِرَةٌ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْمُنْكَرُ:

وَهُوَ كُلُّ مَا أَنْكَرَهُ الشَّرْعُ وَغَيْرُهُ، وَنَهَى عَنْهُ.

[مَسْأَلَة ذِكْرُ اللَّهِ لَكُمْ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِكُمْ لَهُ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: ٤٥]

فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:

الْأَوَّلُ: ذِكْرُ اللَّهِ لَكُمْ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِكُمْ لَهُ، أَضَافَ الْمَصْدَرَ إلَى الْفَاعِلِ.

الثَّانِي: ذِكْرُ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

الثَّالِثُ: ذِكْرُ اللَّهِ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِهِ فِي غَيْرِهَا، يَعْنِي لِأَنَّهَا عِبَادَتَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>