للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي أَخْبَارِهَا أَنَّ أُخْتَ لُقْمَانَ كَانَتْ امْرَأَةً مُحَمَّقَةً، وَكَانَ لُقْمَانُ حَكِيمًا نَجِيًّا، فَقَالَتْ أُخْتُهُ لِامْرَأَتِهِ: هَذِهِ لَيْلَةُ طُهْرِي فَهَبِي لِي لَيْلَتَك، طَمَعًا فِي أَنْ تَعْلَقَ مِنْ أَخِيهَا بِنَجِيبٍ، فَفَعَلَتْ، فَحَمَلَتْ مِنْ أَخِيهَا، فَوَلَدَتْ لُقَيْمَ بْنَ لُقْمَانَ، وَفِيهِ يَقُولُ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:

لُقَيْمُ بْنُ لُقْمَانَ مِنْ أُخْتِهِ ... فَكَانَ ابْنَ أُخْتٍ لَهَا وَابْنَا

لَيَالِي حُمْقٌ فَاسْتَحْصَنَتْ ... عَلَيْهِ فَغُرَّ بِهَا مُظْلِمًا

فَقَرَّ بِهِ رَجُلٌ مُحْكِمٌ ... فَجَاءَتْ بِهِ رَجُلًا مُحْكَمًا

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ:

ذَكَرَ مَالِكٌ كَلَامًا كَثِيرًا مِنْ الْحِكْمَةِ عَنْ لُقْمَانَ، وَأَدْخَلَ مِنْ حِكْمَتِهِ فَصْلًا فِي كِتَابِ الْجَامِعِ مِنْ مُوَطَّئِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ، وَذَكَرَ مِنْ حِكْمَتِهِ فَصْلًا يَعْضُدُهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، لِيُنَبِّهَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ تُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا أَيْ أُوتِيَ الْحِكْمَةَ، وَهِيَ الْعَمَلُ بِالْعِلْمِ.

[الْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّك لِلنَّاسِ]

ِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: ١٨].

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ} [لقمان: ١٨]

يَعْنِي لَا تُمِلْهُ عَنْهُمْ تَكَبُّرًا، يُرِيدُ أَقْبِلْ عَلَيْهِمْ مُتَوَاضِعًا، مُؤْنِسًا مُسْتَأْنِسًا، وَإِذَا حَدَّثَك أَحَدُهُمْ فَأَصْغِ إلَيْهِ، حَتَّى يُكْمِلَ حَدِيثَهُ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وَكُنَّا إذَا الْجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ ... أَقَمْنَا لَهُ مِنْ مَيْلِهِ فَتَقَوَّمَ

يُرِيدُ: فَتَقَوَّمْ أَنْتَ، أَمْرٌ، ثُمَّ كُسِرَتْ لِلْقَافِيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>