للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يُنَزَّلْ فِي هَذِهِ الْحُرْمَةِ أَحَدٌ مَنْزِلَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا رُوعِيَتْ فِيهِ هَذِهِ الْخِصِّيصَةُ، وَإِنْ غَارَ وَتَأَذَّى؛ وَلَكِنَّهُ مُحْتَمَلٌ مَعَ حَظِّ الْمَنْزِلَةِ مِنْ خَفِيفِ الْأَذَى.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: حَرَّمَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْخَلْقِ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ: {وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: ٥٣] فَكُلُّ مَنْ طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَخَلَّى عَنْهَا فِي حَيَاتِهِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ثُبُوتِ هَذِهِ الْحُرْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ، فَقِيلَ: هِيَ لِمَنْ دَخَلَ بِهَا دُونَ مَنْ فَارَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ.

وَقَدْ هَمَّ عُمَرُ بِرَجْمِ امْرَأَةٍ فَارَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَكَحَتْ بَعْدَهُ، فَقَالَتْ لَهُ: وَلِمَ؟ وَمَا ضَرَبَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِجَابًا وَلَا دُعِيت أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. فَكَفَّ عَنْهَا.

[مَسْأَلَة زَوْجَات النَّبِيّ هَلْ هُنَّ أُمَّهَاتُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَمْ هُنَّ أُمَّهَاتُ الرِّجَالِ خَاصَّةً]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦]

اخْتَلَفَ النَّاسُ، هَلْ هُنَّ أُمَّهَاتُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، أَمْ هُنَّ أُمَّهَاتُ الرِّجَالِ خَاصَّةً، عَلَى قَوْلَيْنِ: فَقِيلَ: ذَلِكَ عَامٌّ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.

وَقِيلَ: هُوَ خَاصٌّ لِلرِّجَالِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ إنْزَالُهُنَّ مَنْزِلَةَ أُمَّهَاتِهِمْ فِي الْحُرْمَةِ، حَيْثُ يُتَوَقَّعُ الْحِلُّ، وَالْحِلُّ غَيْرُ مُتَوَقَّعٍ بَيْنَ النِّسَاءِ، فَلَا يُحْجَبُ بَيْنَهُنَّ بِحُرْمَةٍ.

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّاهُ. فَقَالَتْ: لَسْت لَك بِأُمٍّ، إنَّمَا أَنَا أُمُّ رِجَالِكُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

[مَسْأَلَة قَوْلُهُ تَعَالَى وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى]

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: ٦]

وَقَدْ قَدَّمْنَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ.

وَثَبَتَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَبَيْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، فَارْتَثَّ كَعْبٌ يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءَ بِهِ الزُّبَيْرُ يَقُودُهُ بِزِمَامِ رَاحِلَتِهِ، فَلَوْ مَاتَ يَوْمَئِذٍ كَعْبٌ عَنْ الضِّحِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>