للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرِّيحِ لَوَرِثَهُ الزُّبَيْرُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنفال: ٧٥].

فَبَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْقَرَابَةَ أَوْلَى مِنْ الْحَلِفِ، فَتُرِكَتْ الْمُوَارَثَةُ بِالْحَلِفِ، وَوَرِثُوا بِالْقَرَابَةِ، وَقَوْلُهُ: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} [الأحزاب: ٦] يَتَعَلَّقُ حَرْفُ الْجَرِّ بِأَوْلَى، وَمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ، لَا بِقَوْلِهِ: {وَأُولُو الأَرْحَامِ} [الأحزاب: ٦] بِإِجْمَاعٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ يُوجِبُ تَخْصِيصَهَا بِبَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا خِلَافَ فِي عُمُومِهَا، وَهَذَا حَلُّ إشْكَالِهَا.

[الْآيَةُ الرَّابِعَةُ قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ]

ْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [الأحزاب: ٩].

فِيهَا أَحْكَامٌ وَسِيَرٌ، وَقَدْ ذَكَرَهَا مَالِكٌ، وَتَكَلَّمَ عَلَيْهَا، وَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ غَزْوَةَ الْخَنْدَقِ، وَالْأَحْزَابِ، وَبَنِي قُرَيْظَةَ، وَكَانَتْ حَالَ شِدَّةٍ، مُعَقَّبَةٌ بِنِعْمَةٍ، وَرَخَاءٍ وَغِبْطَةٍ، وَذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي تِسْعَ عَشْرَةَ آيَةً، وَيَقْتَضِي مَسَائِلَ ثَلَاثًا:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقِتَالِ مِنْ الْمَدِينَةِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: ١٠] قَالَ: ذَلِكَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ»، جَاءَتْ قُرَيْشٌ مِنْ هَاهُنَا، وَالْيَهُودُ مِنْ هَاهُنَا، وَالنَّجْدِيَّةُ مِنْ هَاهُنَا، يُرِيدُ مَالِكٌ أَنَّ الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ فَوْقِهِمْ بَنُو قُرَيْظَةَ، وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ الْقَاسِمِ: كَانَتْ وَقْعَةُ الْخَنْدَقِ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَهِيَ وَبَنُو قُرَيْظَةَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَبَيْنَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ أَرْبَعُ سِنِينَ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانَتْ غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ سَنَةَ خَمْسٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>