للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة قِرَاءَة قَوْلُهُ تَعَالَى إنْ وَهَبَتْ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ: {إِنْ وَهَبَتْ} [الأحزاب: ٥٠]: قُرِئَتْ بِالْفَتْحِ فِي الْأَلِفِ وَكَسْرِهَا، وَقَرَأَتْ الْجَمَاعَةُ فِيهَا بِالْكَسْرِ، عَلَى مَعْنَى الشَّرْطِ.

تَقْدِيرُهُ وَأَحْلَلْنَا لَك امْرَأَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَك، لَا يَجُوزُ تَقْدِيرُ سِوَى ذَلِكَ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَوَابُ إنْ مَحْذُوفًا، وَتَقْدِيرُهُ إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ حَلَّتْ لَهُ وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى وَالْعَرَبِيَّةِ، وَذَلِكَ مُبَيَّنٌ فِي مَوْضِعِهِ.

وَيُعْزَى إلَى الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَهَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً وَاحِدَةً حَلَّتْ لَهُ، لِأَجْلِ أَنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا، وَهَذَا فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا قِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ، وَهِيَ لَا تَجُوزُ تِلَاوَةً، وَلَا تُوجِبُ حُكْمًا.

الثَّانِي: أَنْ تُوجِبَ أَنْ يَكُونَ إحْلَالًا لِأَجْلِ هِبَتِهَا لِنَفْسِهَا، وَهَذَا بَاطِلٌ فَإِنَّهَا حَلَالٌ لَهُ قَبْلَ الْهِبَةِ بِالصَّدَاقِ.

وَقَدْ نُسِبَ لِابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُسْقِطُ فِي قِرَاءَتِهِ " أَنْ " فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَإِنَّمَا كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَوْهُوبَةِ ثَابِتٌ قَبْلَ الْهِبَةِ، وَسُقُوطُ الصَّدَاقِ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: {خَالِصَةً لَكَ} [الأحزاب: ٥٠] لَا مِنْ جِهَةِ الشَّرْطِ.

وَقَدْ بَيَّنَّا حُكْمَ هَذَا الشَّرْطِ وَأَمْثَالِهِ فِي سُورَةِ النُّورِ.

[مَسْأَلَةُ النِّكَاحَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ]

الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: قَوْلُهُ: {وَهَبَتْ نَفْسَهَا} [الأحزاب: ٥٠] وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَلَكِنَّهُ عَلَى صِفَاتٍ مَخْصُوصَةٍ مِنْ جُمْلَةِ الْمُعَاوَضَاتِ وَإِجَارَةٌ مُبَايِنَةٌ لِلْإِجَارَاتِ، وَلِهَذَا سُمِّيَ الصَّدَاقُ أُجْرَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، فَأَبَاحَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.

[مَسْأَلَةُ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى إِن أَرَادَ النَّبِيّ أَنْ يَسْتَنْكِحهَا]

الْمَسْأَلَةُ الْمُوفِيَةُ عِشْرِينَ: قَوْلُهُ: {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} [الأحزاب: ٥٠] مَعْنَاهُ أَنَّهَا إذَا وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخَيَّرٌ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>