للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثُ: لَا تُعْطِي زَوْجَك فِي زَوْجَةٍ أُخْرَى، كَمَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ؛ قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: أَصَحُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ: قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَهُ يَشْهَدُ النَّصُّ، وَعَلَيْهِ يَقُومُ الدَّلِيلُ.

وَأَمَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ فَمَبْنِيٌّ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ، وَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِمَا يُبْطِلُ فَائِدَتَهُ وَيُسْقِطُ عُمُومَهُ، وَيُبْطِلُ حُكْمَهُ، وَيَذْهَبُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى ذَلِكَ.

وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ فَضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَخْتَصَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ ذَلِكَ حُكْمٌ ثَابِتٌ فِي الشَّرْعِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ؛ إذْ التَّعَاوُضُ فِي الزَّوْجَاتِ لَا يَجُوزُ.

وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: {بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} [الأحزاب: ٥٢]، وَهَذَا الْحُكْمُ لَا يَجُوزُ لَا بِهِنَّ وَلَا بِغَيْرِهِنَّ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ اسْتِبْدَالَ الْجَاهِلِيَّةِ لَقَالَ: أَزْوَاجَك بِأَزْوَاجٍ، وَمَتَى جَاءَ اللَّفْظُ خَاصًّا فِي حُكْمٍ لَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ لِضَرُورَةٍ.

[مَسْأَلَة نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ وَوَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ]

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {إِلا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} [الأحزاب: ٥٢]

الْمَعْنَى فَإِنَّهُ حَلَالٌ لَك عَلَى الْإِطْلَاقِ الْمَعْلُومِ فِي الشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إحْلَالِ الْكَافِرَةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ وَوَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} [الأحزاب: ٥٢] وَهَذَا عُمُومٌ.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ خَوْفِ الْعَنَتِ؛ وَهَذَا الشَّرْطُ مَعْدُومٌ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ؛ فَأَمَّا وَطْؤُهَا بِمَلْكِ الْيَمِينِ فَيَتَرَدَّدُ فِيهِ.

وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْكَافِرَةِ، وَلَا وَطْؤُهَا بِمَلْكِ الْيَمِينِ، تَنْزِيهًا لِقَدْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>