للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: إنْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ ذَلِكَ لَهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا، وَإِنْ يَيْأَسُوا فَعَلُوا؛ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ، وَعَلَيْهِ تَنَاظُرُ الشَّافِعِيَّةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

وَقَدْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ لَهُ، وَلَكِنَّهُ قَطَعَ وَحَرَقَ لِيَكُونَ ذَلِكَ نِكَايَةً لَهُمْ وَوَهْنًا فِيهِمْ، حَتَّى يَخْرُجُوا عَنْهَا، فَإِتْلَافُ بَعْضِ الْمَالِ لِصَلَاحِ بَاقِيهِ مَصْلَحَةٌ جَائِزَةٌ شَرْعًا مَقْصُودَةٌ عَقْلًا.

[مَسْأَلَة النَّوْعِ الَّذِي قُطِعَ وَهُوَ اللِّينَةُ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي النَّوْعِ الَّذِي قُطِعَ، وَهُوَ اللِّينَةُ، عَلَى سَبْعَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ النَّخْلُ كُلُّهُ، وَإِلَّا الْعَجْوَةَ؛ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَالْخَلِيلُ.

الثَّانِي: أَنَّهُ النَّخْلُ كُلُّهُ؛ قَالَهُ الْحَسَنُ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ كَرَائِمُ النَّخْلِ؛ قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ.

الرَّابِعُ أَنَّهُ الْعَجْوَةُ خَاصَّةً؛ قَالَهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ.

الْخَامِسُ أَنَّهَا النَّخْلُ الصِّغَارُ، وَهِيَ أَفْضَلُهَا.

السَّادِسُ أَنَّهَا الْأَشْجَارُ كُلُّهَا.

السَّابِعُ أَنَّهَا الدَّقَلُ؛ قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ. قَالَ: وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: لَا نُنَحِّي الْمَوَائِدَ حَتَّى نَجِدَ الْأَلْوَانَ يَعْنُونَ الدَّقَلَ.

وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا أَعْرَفُ بِبَلَدِهِمَا وَثِمَارِهَا وَأَشْجَارِهَا.

الثَّانِي أَنَّ الِاشْتِقَاقَ يُعَضِّدُهُ، وَأَهْلُ اللُّغَةِ يُصَحِّحُونَهُ، قَالُوا: اللِّينَةُ وَزْنُهَا لِوْنَةٌ، وَاعْتُلَّتْ عَلَى أَصْلِهِمْ. [فَآلَتْ إلَى لَيْنَةٍ]، فَهُوَ لَوْنٌ، فَإِذَا دَخَلَتْ الْهَاءُ كُسِرَ أَوَّلُهَا؛ كَبَرْكِ الصَّدْرِ بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَبِرْكِهِ بِكَسْرِهَا لِأَجْلِ الْهَاءِ.

[مَسْأَلَة مَتَى كَانَ قطع نَخْل بَنِي النضير]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ مَتَى كَانَ الْقَطْعُ؛ فَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهَا نَخْلُ بَنِي النَّضِيرِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا نَخْلُ بَنِي النَّضِيرِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ، وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ الْإِذْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>