للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَة صَلَاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ تَعَلَّقَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ فِي مَنْعِ صَلَاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى صُورَةِ التَّكْبِيرِ وَالْأَفْعَالِ، وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي النِّيَّةِ. وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ [ذَلِكَ] فِيمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَيَشْمَلُهُ هَذَا اللَّفْظُ، وَيَنَالُهُ هَذَا الظَّاهِرُ.

وَهَذَا كَانَ يَكُونُ حَسَنًا، بَيْدَ أَنَّهُ يَقْطَعُ بِهِ اتِّفَاقُ الْأُمَّةِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْمُتَنَفِّلِ خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ، وَالصُّورَةُ فِي اخْتِلَافِ النِّيَّةِ وَاتِّفَاقِ الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ فِيهِمَا وَاحِدٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ عَنْ عُمُومِ الْآيَةِ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مَخْصُوصَةٌ فِي الطَّاعَاتِ، وَأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا كَانَ مِنْ اخْتِلَافِ الْمُنَافِقِينَ فِي الْإِذَايَةِ لِلدِّينِ وَمُعَادَاةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[الْآيَة الْحَادِيَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ]

ِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر: ٢٠].

تَعَلَّقَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا بِظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي نَفْيِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ فِي الْقِصَاصِ لِأَجْلِ عُمُومِ نَفْيِ الْمُسَاوَاةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي سُورَةِ السَّجْدَةِ، وَحَقَّقْنَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي التَّعَلُّقِ بِمِثْلِ هَذَا الْعُمُومِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ التَّعْمِيمِ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا عَقَبَ الْآيَةَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر: ٢٠] يَعْنِي وَأَصْحَابُ النَّارِ هُمْ الْهَالِكُونَ؛ فَفِي هَذَا الْقَدْرِ انْتَفَتْ التَّسْوِيَةُ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: خُصُوصُ آخِرِهَا لَا يَمْنَعُ مِنْ عُمُومِ أَوَّلِهَا، وَذَلِكَ مُحَقَّقٌ هُنَالِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>