للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ: عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي.

وَأَمَّا الْمُرْتَابَةُ فَقَاسَهَا قَوْمٌ عَلَيْهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَبْقَى أَبَدًا حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ.

وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ كَيْفَمَا كَانَتْ حُرَّةً، أَوْ أَمَةً؛ مُسْلِمَةً، أَوْ كِتَابِيَّةً فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَنَا.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إنْ كَانَتْ أَمَةً فَعِدَّتُهَا شَهْرٌ وَنِصْفٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: شَهْرَانِ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحَيْضَةَ الْوَاحِدَةَ تَدُلُّ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَالثَّانِيَةَ تَعَبُّدٌ؛ فَلِذَلِكَ جُعِلَتْ قُرْأَيْنِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، فَانْظُرْهُ هُنَالِكَ مُجَرَّدًا.

وَأَمَّا الْأَشْهُرُ فَإِنَّهَا دَلِيلٌ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لِأَجْلِ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ الَّتِي يَخْلُقُ اللَّهُ فِيهَا الْوَلَدَ، وَهَذَا تَسْتَوِي فِيهِ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ. وَيُعَارِضُهُ أَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ عِنْدَهُمْ شَهْرَانِ، وَخَمْسُ لَيَالٍ، وَأَجَلُ الْإِيلَاءِ شَهْرَانِ، وَأَجَلُ الْعُنَّةِ نِصْفُ عَامٍ. وَالْأَحْكَامُ مُتَعَارِضَةٌ.

وَأَمَّا الْآيِسَةُ فَهِيَ مِثْلُهَا، وَإِذَا أَشْكَلَ حَالُ الْيَائِسَةِ كَالصَّغِيرَةِ لِقُرْبِ السِّنِينَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْجِهَتَيْنِ فَإِنَّ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ بِالدَّمِ إلَّا أَنْ تَرْتَابَ مَعَ الْأَشْهُرِ فَتَذْهَبَ بِنَفْسِهَا إلَى زَوَالِ الرِّيبَةِ.

[مَسْأَلَة هَلْ لِلْمُطَلَّقَةِ الْمُعْتَدَّةِ السُّكْنَى]

الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ قَوْلُهُ {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: ١] جَعَلَ اللَّهُ لِلْمُطَلَّقَةِ الْمُعْتَدَّةِ السُّكْنَى فَرْضًا وَاجِبًا وَحَقًّا لَازِمًا هُوَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُمْسِكَهُ عَنْهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسْقِطَهُ عَنْ الزَّوْجِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ عَسِيرَةٌ عَلَى أَكْثَرِ الْمَذَاهِبِ.

قَالَ مَالِكٌ: لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ السُّكْنَى، كَانَ الطَّلَاقُ وَاحِدًا أَوْ ثَلَاثًا.

وَقَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا سُكْنَى إلَّا لِلرَّجْعِيَّةِ. [وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَهَا أَنْ تَتْرُكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>