للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ، فَلَمْ تَفْتَقِرْ إلَى الْإِشْهَادِ، كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَخُصُوصًا حِلُّ الظِّهَارِ بِالْكَفَّارَةِ.

وَرَكَّبَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَلَى وُجُوبِ الْإِشْهَادِ فِي الرَّجْعَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ: كُنْت رَاجَعْت أَمْسِ، وَأَنَا أُشْهِدُ الْيَوْمَ؛ لِأَنَّهُ إشْهَادٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالرَّجْعَةِ؛ وَمِنْ شَرْطِ الرَّجْعَةِ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا، فَلَا تَصِحُّ دُونَهُ؛ وَهَذَا فَاسِدٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِشْهَادَ فِي الرَّجْعَةِ تَعَبُّدٌ، وَنَحْنُ لَا نُسَلِّمُ

فِيهَا وَلَا فِي النِّكَاحِ. بَلْ نَقُولُ: إنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلتَّوَثُّقِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْإِقْرَارِ، كَمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْإِنْشَاءِ، وَبَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.

[مَسْأَلَة رَاجَعَهَا بَعْدَ أَنْ ارْتَدَّتْ]

الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ وَهِيَ فَرْعٌ غَرِيبٌ: إذَا رَاجَعَهَا بَعْدَ أَنْ ارْتَدَّتْ لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ. وَقَالَ الْمُزَنِيّ: تَصِحُّ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [الطلاق: ٢] وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ زَوْجَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ مُرْتَدَّةٍ؛ وَلِأَنَّ الرَّجْعَةَ تَصِحُّ فِي حَالِ كَوْنِهَا مُحَرَّمَةً بِالْإِحْرَامِ وَالْحَيْضِ، كَذَلِكَ الرِّدَّةُ، وَهَذَا فَاسِدٌ؛ فَإِنَّ الرَّجْعَةَ اسْتِبَاحَةُ فَرْجٍ مُحَرَّمٍ، فَلَمْ تَجُزْ مَعَ الرِّدَّةِ، كَالنِّكَاحِ؛ وَالْمُحَرَّمَةُ وَالْحَائِضُ لَيْسَتَا بِمُحَرَّمَتَيْنِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ تَجُوزُ الْخَلْوَةُ بِهِمَا لِزَوْجِهِمَا.

[مَسْأَلَة قَالَ بَعْدَ الْعِدَّةِ كُنْت رَاجَعْتهَا وَصَدَّقَتْهُ]

الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ لَوْ قَالَ بَعْدَ الْعِدَّةِ، كُنْت رَاجَعْتهَا وَصَدَّقَتْهُ جَازَ، وَلَوْ أَنْكَرَتْ حَلَفَتْ، وَذَلِكَ فِي مَسَائِلَ الْخِلَافِ مَشْرُوحٌ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِإِعْمَالِ الْإِقْرَارِ فِي الرَّجْعَةِ.

[مَسْأَلَة اخْتِصَاصَ الشَّهَادَةِ عَلَى الرَّجْعَةِ بِالذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ قَوْله تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢]: وَهَذَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَ الشَّهَادَةِ عَلَى الرَّجْعَةِ بِالذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: {ذَوَيْ} [الطلاق: ٢] مُذَكَّرٌ، وَلِذَلِكَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَا مَدْخَلَ لِشَهَادَةِ النِّسَاءِ فِيمَا عَدَا الْأَمْوَالَ. وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ قَوْله تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: ٢]: يَعْنِي لَا تُضَيِّعُوهَا وَلَا تُغَيِّرُوهَا، وَأْتُوا بِهَا عَلَى وَجْهِهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>