للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّاهِرِ مَعَ إضْمَارِ الْخِلَافِ فِي الْبَاطِنِ، يَقُولُونَ: اللَّهُ، اللَّهُ. ثُمَّ يَقُولُونَ: مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا، وَنَوْءِ كَذَا، وَلَا يُنَزِّلُ الْمَطَرَ إلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ غَيْرَ مُرْتَبِطٍ بِنَجْمٍ وَلَا مُقْتَرِنٍ بِنَوْءٍ. وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَوْضِعِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: ٩] فَسَاقَهُ عَلَى الْعَطْفِ، وَلَوْ جَاءَ بِهِ جَوَابُ التَّمَنِّي لَقَالَ فَيُدْهِنُوا، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُمْ تَمَنَّوْا لَوْ فَعَلْت فَيَفْعَلُونَ مِثْلَ فِعْلِك عَطْفًا، لَا جَزَاءً عَلَيْهِ، وَلَا مُكَافَأَةً لَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ تَمْثِيلٌ وَتَنْظِيرٌ.

[الْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ]

الْآيَةُ الثَّالِثَةُ: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} [القلم: ١٦].

فِيهَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} [القلم: ١٦]: ذَكَرَ فِيهِ أَهْلُ التَّفْسِيرِ قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا أَنَّهَا سِمَةٌ سَوْدَاءُ تَكُونُ عَلَى أَنْفِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُمَيَّزُ بِهَا بَيْنَ النَّاسِ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} [الرحمن: ٤١].

وَقِيلَ: يُضْرَبُ بِالنَّارِ عَلَى أَنْفِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي وَسْمًا يَكُونُ عَلَامَةً [عَلَيْهِ]. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: ١٠٦]؛ فَهَذِهِ عَلَامَةٌ ظَاهِرَةٌ. وَقَالَ: {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه: ١٠٢] {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا عَشْرًا} [طه: ١٠٣] وَهَذِهِ عَلَامَةٌ أُخْرَى ظَاهِرَةٌ، فَأَفَادَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَامَةً ثَالِثَةً وَهِيَ الْوَسْمُ عَلَى الْخُرْطُومِ مِنْ جُمْلَةِ الْوَجْهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: {سَنَسِمُهُ} [القلم: ١٦]: كَانَ الْوَسْمُ فِي الْوَجْهِ لِذَوِي الْمَعْصِيَةِ قَدِيمًا عِنْدَ النَّاسِ حَتَّى أَنَّهُ رُوِيَ كَمَا تَقَدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>