للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَعَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: أَبِك جُنُونٌ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَحْصَنْت؟ قَالَ: نَعَمْ».

وَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ: «لَعَلَّك قَبَّلْت أَوْ غَمَزْت أَوْ نَظَرْت». وَفِي النَّسَائِيّ، وَأَبِي دَاوُد: «حَتَّى قَالَ لَهُ فِي الْخَامِسَةِ: أَنِكْتَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: حَتَّى غَابَ ذَلِكَ مِنْك فِي ذَلِكَ مِنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِي الْمُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءُ فِي الْبِئْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَدْرِي

مَا الزِّنَا؟ قَالَ، أَتَيْت مِنْهَا حَرَامًا مِثْلَ مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ حَلَالًا. قَالَ: فَمَا تُرِيدُ مِنِّي بِهَذَا الْقَوْلِ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي؟ قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ.»

قَالَ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُد: «فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ فَرَّ يَشْتَدُّ فَضَرَبَهُ رَجُلٌ بِلَحْيِ جَمَلٍ، وَضَرَبَهُ النَّاسُ حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ» قَالَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ: تَثَبَّتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَّا لِتَرْكِ حَدٍّ فَلَا، وَهَذَا كُلُّهُ طَرِيقٌ لِلرُّجُوعِ، وَتَصْرِيحٌ بِقَبُولِهِ. وَفِي قَوْلِهِ: لَعَلَّك غَمَزْت، إشَارَةٌ إلَى قَوْلِ مَالِكٍ: إنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ إذَا ذَكَرَ فِيهَا وَجْهًا.

[مَسْأَلَة مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَلَوْ ألقي مَعَاذِيرَهُ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ: إنَّ مَعْنَى: {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: ١٥] أَيْ سُتُورَهُ، بِلُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَاحِدُهَا مِعْذَارٌ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: وَاحِدُهَا مَعْذِرَةٌ. الْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اعْتَذَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَنْكَرَ الشِّرْكَ، لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ، وَيُخْتَمُ عَلَى فَمِهِ، فَتَشْهَدُ عَلَيْهِ جَوَارِحُهُ، وَيُقَالُ لَهُ: كَفَى بِنَفْسِك الْيَوْمَ عَلَيْك حَسِيبًا.

[مَسْأَلَة إقْرَار الْعَبْد]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَهَذَا فِي الْحُرِّ الْمَالِكِ لِأَمْرِ نَفْسِهِ. وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ قِسْمَيْنِ: إمَّا أَنْ يُقِرَّ عَلَى بَدَنِهِ، أَوْ عَلَى مَا فِي يَدِهِ وَذِمَّتِهِ؛ فَإِنْ أَقَرَّ عَلَى بَدَنِهِ فِيمَا فِيهِ عُقُوبَةٌ مِنْ الْقَتْلِ فَمَا دُونَهُ نَفَذَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ، لِأَنَّ بَدَنَهُ مُسْتَرَقٌّ بِحَقِّ السَّيِّدِ. وَفِي إقْرَارِهِ إتْلَافُ حُقُوقِ السَّيِّدِ فِي بَدَنِهِ، وَدَلِيلُنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>